إقحام محافظ البصرة في مقتل سارة العبودي ..استغلال سياسي أم مسؤولية حقيقية؟
أثارت تصريحات النائبة السابقة والمرشحة الحالية لمجلس النواب، السيدة رحاب العبودي، جدلًا واسعًا بعد محاولتها ربط اسم محافظ البصرة أسعد العيداني بجريمة

بقلم: عامر جاسم العيداني
جدل واسع وتساؤلات مشروعة
أثارت تصريحات النائبة السابقة والمرشحة الحالية لمجلس النواب، السيدة رحاب العبودي، جدلًا واسعًا بعد محاولتها ربط اسم محافظ البصرة أسعد العيداني بجريمة مقتل الشابة سارة العبودي، التي لقيت حتفها على يد شقيق زوجته.
هذا الربط، الذي لا يستند إلى علاقة مباشرة بين المحافظ والجريمة، يفتح الباب أمام تساؤلات حول النوايا الكامنة خلف هذا التصريح وتوقيته.
الجريمة جنائية أم ورقة انتخابية؟
إن الحدث جنائي بحت يرتبط بجريمة قتل ارتُكبت على يد شخص له علاقة نسب بمسؤول تنفيذي.
ورغم بشاعة الجريمة وأثرها المؤلم على الرأي العام، فإن تحويلها إلى منصة لتوجيه الاتهام السياسي، كما فعلت النائبة السابقة، يدفع المراقبين للتساؤل: ما الذي يُراد تحقيقه من وراء ذلك؟
تأتي هذه التصريحات في ذروة الاستعدادات للانتخابات النيابية، وهو ما يفسّرها كثيرون كمحاولة لإسقاط خصم سياسي بارز في البصرة، لا سيما أن المحافظ العيداني يُعد من الشخصيات ذات الحضور الشعبي والإداري في المحافظة.
لذا فإن إقحامه في قضية لا صلة قانونية له بها قد يُنظر إليه كمحاولة لإضعاف صورته أمام الجمهور واستثمار دم الضحية لتحقيق مكاسب انتخابية.
بين الدفاع عن الضحية والتسييس
من حق أي سياسي الدفاع عن الضحايا والمطالبة بتحقيق العدالة، لكن الفرق شاسع بين ذلك وبين توجيه اتهامات أو إيحاءات مسيّسة لا تستند إلى أدلة.
فربط مسؤول حكومي بأي جريمة لمجرد صلة قرابة سطحية بالجاني يُعد تضليلًا للرأي العام أكثر منه خدمة للحقيقة أو للعدالة.
الشعب البصري، الذي يتابع عن كثب كل ما يدور في المشهد المحلي، أصبح أكثر وعيًا بما يُطرح من تصريحات تحمل في طياتها أهدافًا انتخابية لا تخلو من التوظيف الأخلاقي والإعلامي لقضايا المجتمع.
الرأي العام اليوم بات يميز بين المواقف الصادقة والمزايدات السياسية التي تُستغل فيها دماء الأبرياء لأغراض لا تمتّ للعدالة بصلة.
القضية بين البعد الإنساني والتوظيف السياسي
قضية مقتل سارة العبودي مؤلمة بكل المقاييس، لكنها تستحق أن تُناقش في إطارها القضائي والإنساني، بعيدًا عن التوظيف السياسي.
أما تحميل المسؤولية لشخص لا تربطه بالجريمة سوى علاقة مصاهرة، دون تقديم أدلة قانونية، فهو انحراف خطير عن جوهر القضية، ويكشف عن نوايا انتخابية لا تخدم لا الضحية ولا المجتمع.
هل ستؤثر تصريحات رحاب العبودي على فرصها الانتخابية؟
الضرر الانتخابي وارد جدًا في الحالات التالية:
-
إذا فُهم حديثها على أنه استغلال سياسي رخيص، فإن الشارع البصري، خصوصًا فئة الشباب والناشطين، أصبح أكثر وعيًا بالنوايا الكامنة خلف التصريحات المفخخة.
-
إذا شعر الجمهور أن السيدة رحاب العبودي تحاول توظيف مقتل سارة العبودي، للصلة العشائرية التي تربطها بها، واستغلالها لمهاجمة محافظ البصرة دون علاقة قانونية حقيقية، فقد يؤدي ذلك إلى رد فعل عكسي ويُنظر لها على أنها تستغل المأساة لأغراض انتخابية.
-
إذا تحرك الشارع أو النخب الإعلامية ضدها، في حال استغلت وسائل الإعلام أو نشطاء السوشيال ميديا هذا التصريح لفضح الأساليب الانتخابية الرخيصة، فإن ذلك سيؤدي إلى تشويه صورتها السياسية وتقليل فرصها لدى الناخب المتردد أو المستقل.
تكتيكات المحافظ المحتملة
ومن جانب آخر، إذا ردّ المحافظ بحملة إعلامية ذكية – وهو معروف بقدرته على توظيف الإعلام الشعبي – وكان الرد عبر خطاب هادئ، مدعوم بالقانون والبيانات، يبيّن أنه لا علاقة له بالقضية، فقد يُظهر رحاب العبودي بمظهر "المتسرعة أو الكيدية".
مكاسب محتملة لرحاب العبودي
في المقابل، قد تكسب العبودي تعاطفًا جيدًا في الحالات التالية:
-
إذا روّجت نفسها كمدافعة عن حقوق المرأة، هناك شريحة من الجمهور، خاصة من الطبقة المتوسطة والنسوية، قد تتعاطف معها وتربط موقفها بدفاع صريح عن النساء والعدالة، شريطة ألا تتجاوز في الخطاب أو تتورط في تصريحات مفضوحة.
-
من المرجح أن تضرّ هذه التصريحات بحظوظها الانتخابية، خاصة إذا لم تستطع تبرير موقفها بوضوح للرأي العام، حيث وُصفت بأنها تستغل قضية إنسانية للتشهير السياسي.
العوامل العشائرية والحزبية
إن انتماء السيدة رحاب العبودي إلى عشيرة معروفة ومنطقة ذات ثقل انتخابي (مثل الزبير، أبو الخصيب، أو المدينة) يجعلها تمتلك قاعدة تصويت ثابتة.
ومعروف أن هؤلاء الناخبين عادة لا يتأثرون كثيرًا بالتصريحات الإعلامية، بل يركزون على الانتماء والمصالح الشخصية أو المجتمعية والعشائرية.
وإذا كانت مرتبطة بحزب أو تيار سياسي معروف، فإن حظوظها تبقى قائمة طالما ظلت تحظى بدعم القيادة المركزية أو تمثل صوتًا نسويًا داخل الحزب.
لكن إصرارها على خطوتها بإقحام المحافظ في الجريمة قد يُفهم كاستغلال غير أخلاقي، ما يؤدي لخسارتها جزءًا من هذا التصويت.
الرأي العام: الفيصل النهائي
إن الجمهور حساس جدًا للقضايا الإنسانية، وقد يتعاطف مع موقفها إذا تم توجيهه بشكل صحيح كـ"صرخة ضد العنف الأسري".
لكن إذا شعروا أنها تستخدم المأساة لتسجيل نقاط سياسية، سينقلب عليها الأمر بسرعة.
أما إذا اعتمدت على خطاب هادئ، مركّز على القيم وغير تصادمي، فإنها قد تخفف الضرر وتستعيد جزءًا من صورتها لدى الشارع المدني والنسوي، مع الحفاظ على جمهورها الثابت من الفئات العشائرية أو الحزبية.
ما هو رد فعلك؟






