الأول من صفر.. الوعد الإنساني

في ظل التصاعد المستمر لأشكال العنف ضد النساء حول العالم، تبقى المرأة الحلقة الأضعف في المجتمع

 0
الأول من صفر.. الوعد الإنساني

بقلم: المهندس زيد شحاثة

العنف ضد المرأة.. جرح إنساني مفتوح

في ظل التصاعد المستمر لأشكال العنف ضد النساء حول العالم، تبقى المرأة الحلقة الأضعف في المجتمع، وأداة تُستخدم بكل قذارة ووحشية لكسر إرادة الشعوب والدول. تُعذّب المرأة وتُعتدى عليها وتُقتل، لا لذنب اقترفته، بل كوسيلة لإظهار جبروت الخصم.

المؤلم أن هذه الأساليب لم تقتصر على قوى الظلام أو الأنظمة المتخلفة، بل مارستها دول تدّعي "التحضر"، بل وحتى حركات ارتدت ثوب الإسلام زوراً. ومن هنا، بات من الضروري تخصيص يوم إسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة.

الأول من صفر.. ذاكرة الألم والصبر

تحوّل الأول من شهر صفر إلى مناسبة سنوية لتسليط الضوء على معاناة النساء، واستذكار مواقف الصبر والإرادة التي جسّدتها المرأة المسلمة في مواجهة الظلم.

هذه المبادرة ليست عابرة، بل نابعة من تاريخٍ دامٍ امتدّ من بنات الرسالة المحمدية بعد معركة الطف، إلى آلاف المآسي عبر القرون، وصولاً إلى ما شهدته نساء العراق خلال عهد صدام القمعي الدموي، حيث كانت المرأة هدفاً مباشراً للتعذيب والانتهاك على أيدي أجهزته وأتباعه، وهو ما تكرر لاحقاً على يد التنظيمات الإرهابية.

ما بين التمكين والحماية الحقيقية

إن رعاية المرأة لا تقتصر على تمكين اقتصادي أو اجتماعي كما تروّج له الحضارة الغربية، بل تبدأ من حمايتها من دعاوى زائفة، ومن تحصينها فكرياً وأخلاقياً من كل من يسعى إلى تحويل جسدها إلى سلعة رخيصة.

في ضوء الفظائع التي تُرتكب بحق النساء في غزة ومناطق النزاع الأخرى، بات لزاماً أن ينبثق موقف إسلامي موحد يرفض هذا الانتهاك السافر لكرامة الإنسان.

منصة للتغيير الحضاري

الأول من صفر يمكن أن يكون أكثر من مجرد ذكرى، بل رمزاً لنضال النساء وصمودهن، وفرصة لإطلاق:

  • مؤتمرات دولية

  • جلسات حوار ونقاش مجتمعي

  • دراسات معمّقة تصنع رأياً عاماً ضاغطاً

  • مشاريع حضارية تحمي المرأة وتعزّز دورها في بناء الأسرة والمجتمع

هذا اليوم يجب أن يكون منصة للمثقفين والعلماء والنشطاء لرسم ملامح مستقبلٍ لا يُختزل فيه دور المرأة، بل تُستعاد مكانتها بوصفها ركيزة أصيلة في بناء الحضارة، لا ساحة يُستغل فيها جسدها وطاقتها.

وعد إنساني لا بد من الوفاء به

إن اعتماد هذا اليوم كمناسبة إسلامية رسمية، هو تعبير عن التزام جماعي بالتصدي للعنف بكل أشكاله، ومنح العالم الإسلامي صوتاً قوياً ومدروساً في الدفاع عن كرامة المرأة، عبر سياسات ومواقف حقيقية تتجاوز الشعارات.

فالأول من صفر ليس مجرد يوم في التقويم، بل هو وعدٌ إنساني، يجب أن نفي به مع كل نبض قلب أم، وأخت، وزوجة، وابنة، تتوق إلى العدل والرحمة، وترفض أن يُحمّلها المجتمع ما لا تطيق وما لا يليق.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0