مجرمون في حرب غزة... غَزيون

من المعروف أن فظائع قتل المدنيين العُزل، في أي حرب، وهدم العمران على رؤوس الأبرياء، تلد فظاعات يرتكبها بعضٌ ممن يُفترض أنهم ضحايا الحرب ذاتها.

 0
مجرمون في حرب غزة... غَزيون

بكر عويضة


حروب تولد فظائع جديدة

من المعروف أن فظائع قتل المدنيين العُزل، في أي حرب، وهدم العمران على رؤوس الأبرياء، تلد فظاعات يرتكبها بعضٌ ممن يُفترض أنهم ضحايا الحرب ذاتها.
حدث هذا مرارًا في أزمان وأماكن مختلفة، ولا يزال يحدث.
سواء في حروب امتدت ويلاتُها إلى المشارق والمغارب، أو في حروب أُبقيت نيرانُها حصرًا فوق أرض أهلها الذين أشعلها نفرٌ من زعمائهم، فاستحقت وصف الحرب الأهلية، وأُطلق عليهم لقب زعماء ميليشيات بالوكالة لصالح قوى خارجية.


غزة بين المقاومة والاقتتال

ضمن هذا السياق، لم يشذّ مسرح مآسي قطاع غزة عن تقديم نماذج من هاتين الحالتين:

  • حالة اقتتال الإخوة الأعداء بين فصائل كان الأجدر بها أن تتحد في خندق المقاومة.

  • وحالة حروب متكررة مع المُحتل الإسرائيلي، مع اختلاف دائم في تقييم نتائجها.

ومع ذلك، فإن حرب "طوفان الأقصى" سوف تتخذ موقعًا مميزًا جدًا عما سبقها من حروب فلسطينية–إسرائيلية.


جرائم مؤلمة في قلب المأساة

ضمن هذا التميز المؤلم لمآسي الحرب الحالية في غزة، يبرز جانب مظلم للغاية:
ظهور حالات انحراف وإجرام يرتكبها بعض أبناء القطاع.
هؤلاء – يجوز القول – ينتمون إلى الدرك الأسفل من قاع مجتمعات الجريمة في أي مكان في العالم.

كدتُ لا أصدق ما سمعته من بعض من بقوا هناك، حتى اتهمت مُحدّثي بالمبالغة أو الكذب، إذ أخبرني بألم عن حوادث تحرش جنسي بقاصرين وقاصرات في مراكز إيواء المهجرين مثل المدارس.
وإن ثبت لاحقًا بأي تحقيق مستقل وقوع هذه الأفعال، فإن مرتكبيها مجرمون فقدوا الحد الأدنى من إنسانية الإنسان.


صمت مريب وجرائم معلنة

من المفهوم أن يجري تجنب الحديث عن مثل هذه الجرائم اتقاءً لتهمة نشر الشائعات المغرضة.
لكن بعض الأحداث باتت مستحيلة الكتمان، مثل اعتداء عصابات السرقة على قوافل المعونات.

في الأسبوع الماضي، وصلني إيميل صادم من الشاب الغزاوي محمد كريم، المقيم الآن اضطرارًا في المهجر، يورد شهادات مروعة:

"هناك ظواهر تفشت في مجتمعنا الغَزي، منها سرقة مقتنيات الشهيد في اللحظات الأولى، والسارق فلسطيني. بين الأمثلة سرقة مال من محفظة الشهيدة (س. ر) فور مقتلها عند استهداف استراحة (الباقة) على الشاطئ، فيما تولى آخر نزع خاتم ذهب من إصبع شهيدة أخرى."


ما هو أبشع من السرقة

يضيف محمد كريم في رسالته:

"هناك أيضًا مقتل العشرات يوميًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال، ونعلم يقينًا تعمد المحتل وأعوانه إشاعة الفوضى. لكن الحقيقة المؤلمة أن جُلّ هؤلاء قُتلوا بأيدي بعض الغزيين، لسرقة ما حملوه. برزت كذلك ظاهرة تجار السيولة النقدية، الذين يقاسمون طالبها نصف المبلغ المتوفر في حسابه مقابل خدماتهم."

هذا غيض من فيض مما يشهده قطاع غزة اليوم، وهو خنجر مسموم يطعن خاصرة المجتمع من دون أي حياء أو خوف من يوم الحساب.


صرخة وجع

يختتم كريم رسالته:

"لعلّي لا أبلغ مرادي من رسالتي هذه إليك، لكن إعمال الكلام أولى من إهماله."

حقًا، لست أدري مراد كريم بالتحديد من رسالته، لكنها توجع.
تؤلم كل قلب لم يزل يبصر، يسمع الحق ويرفض الباطل.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0