قبل العاصفة: قراءة في تصاعد الصراع الإيراني–الإسرائيلي وتداعيات النووي

ما قبل الحرب وأثناءها وما ينتظر المنطقة بعدها (1 من 3)

 0
قبل العاصفة: قراءة في تصاعد الصراع الإيراني–الإسرائيلي وتداعيات النووي


رسل جمال

تمهيد: نيران تحت الرماد

لم تكن أحداث الأيام الاثني عشر الأخيرة من المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل وليدة لحظة مفاجئة، بل كانت نتيجة طبيعية لسلسلة من التوترات المتصاعدة، والتفاهمات المجهضة، والتحرشات العسكرية المحدودة، التي اختبرت بها تل أبيب حدود خصمها، تحت عينٍ أمريكية ساهرة، وصمت دولي متواطئ حينًا وخائف حينًا آخر.

يبقى الملف النووي الإيراني هو النقطة المحورية في هذا الصراع المعقد، حيث تحاول إيران امتلاك التكنولوجيا النووية، بينما تخشى إسرائيل أن يمنحها ذلك قوة ردع إقليمية تهدد ميزان القوى القائم.


خلفية الصراع الإيراني–الإسرائيلي

منذ الثورة الإسلامية في 1979، تبنت إيران خطابًا معاديًا لإسرائيل، ودعمت قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، بينما رأت تل أبيب أن طهران تمثل تهديدًا استراتيجيًا.

ظل الصراع طويلًا في إطار "الحرب الباردة" عبر الاغتيالات، والهجمات السيبرانية، وحروب الظل في سوريا والعراق واليمن. لكن مع بدايات 2024، وبعد أحداث غزة والجنوب اللبناني، وسقوط سوريا جزئيًا، بدأ الحديث عن أن الهلال الشيعي قد كُسر، خصوصًا مع إعلان أمريكا فشل المحادثات النووية، مما أسفر عن تحولات إقليمية كبرى عصفت بالمنطقة.


النووي الإيراني: مفاوضات عقيمة وقلق متصاعد

رغم الجهود الدولية لإحياء اتفاق JCPOA الموقّع عام 2015، والذي انسحب منه دونالد ترامب عام 2018، بقيت المفاوضات النووية متعثرة. حاولت إدارة بايدن التوصل إلى تسوية، لكنها اصطدمت بـ:

  • مطالب إيران برفع شامل للعقوبات.

  • شروط أمريكية لتقليص التخصيب وتوسيع رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

  • ضغوط إسرائيلية لعدم منح طهران "هدية استراتيجية".

وبين هذا الجمود، شرعت إيران في زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقارب العتبة العسكرية، مما أثار ذعرًا استخباراتيًا إسرائيليًا من امتلاكها "قدرة الاختراق النووي".


إسرائيل تبدأ القتال: ضربات استباقية وتعهدات منقوضة

في أوائل يوليو 2025، نفذت إسرائيل ضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت إيرانية في دمشق، واغتالت عددًا من قادة الحرس الثوري ومهندسي الطائرات المسيّرة.

جاء هذا التصعيد رغم وجود تفاهمات غير معلنة بين تل أبيب وواشنطن لتفادي الحرب المفتوحة، لكن ما حدث كان خروجًا عن السيطرة.

المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بررت تحركاتها بأن إيران تمثل خطرًا وجوديًا، بينما رأى البعض أن ما جرى كان محاولة لصرف الأنظار عن أزمات نتنياهو الداخلية.


المسيّرات الإيرانية: اختبار رد أم خداع استراتيجي؟

في المقابل، أرسلت إيران مسيّرات متواضعة إلى الجولان المحتل، لم تُحدث أضرارًا كبيرة، مما دفع الإعلام الغربي للسخرية منها واعتبارها ردًا ضعيفًا.

لكن هناك رأيًا آخر يرى أن إيران اختارت سياسة الرد المؤجل، وهو تكتيك قديم لديها، حيث تنتظر اللحظة المناسبة لقلب الطاولة، متجنبةً منح إسرائيل أو أمريكا ذريعة لضرب منشآتها النووية.


ما قبل الـ12 يومًا: مؤشرات الانفجار

خلال الأسابيع التي سبقت المواجهة، ظهرت مؤشرات واضحة على اقتراب حدث كبير:

  • تحركات غير اعتيادية للأسطول الأمريكي في الخليج.

  • إخلاء موظفي السفارات الغربية من بغداد وبيروت.

  • تصريحات متضاربة من البيت الأبيض حول فرص التهدئة.

  • زيارة سرية لمسؤول إسرائيلي رفيع إلى أوروبا لحشد دعم استخباراتي.

كل هذه الإشارات كانت تؤكد أن المنطقة مقبلة إما على مواجهة مباشرة، أو على الأقل اختبار جديد لقواعد الاشتباك.


استشراف ما بعد الصراع

هذه المقالة هي الجزء الأول من ثلاثية تحليلية تغطي ما جرى، وما يجري، وما قد يجري. إنها محاولة لفهم التبدلات العميقة في المشهد الإقليمي والدولي، وقراءة أدوار اللاعبين الرئيسيين من منظور استراتيجي لا عاطفي.

فالعالم اليوم يرى إيران من زاويتين متناقضتين:

  • دولة تمتلك القدرة على إشعال المنطقة،

  • لكنها تمارس أقصى درجات الحذر.

كما تحاول إيران حفظ ماء وجه العالم الإسلامي، بعيدًا عن لغة البلطجة وادّعاء "الجميل" العربي.


يتبع...

#الصراع_الإيراني_الإسرائيلي

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 1
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0