مؤتمر العريش بين خبث نتنياهو وطموحات ترامب

مقالات

أكتوبر 8, 2025 - 19:17
 0
مؤتمر العريش بين خبث نتنياهو وطموحات ترامب

الحديث عن محنة غزة لا ينتهي، مع التخاذل العربي المخزي، والذي سيكتب التاريخ "وصمة عار" على جبين الحكومات العربية المطبعة. عموماً آخر ما حاول عرب التطبيع فعله هو إعلان مصر عن استضافتها لمؤتمر فلسطيني شامل، وحدد مكان الاجتماع أن يكون في مدينة العريش، والهدف من هذا المؤتمر كما أعلنت مصر: هو مناقشة وقف الحرب في غزة. ثم جاء قيام "تل أبيب" في نفس التوقيت بإعلان غريب لا ينسجم مع منهجها في البربرية والجريمة، عبر إعلان وقف اجتياح مدينة غزة! والاكتفاء بالعمليات الدفاعية.

ونحاول أن نفهم كيف يتحرك المشهد السياسي؟ بعيداً عن التحليلات المعقدة لذلك لنأخذ الأمور حسب تسلسلها التاريخي.

 خطة ترامب وموافقة حماس

بعد أن أعلنت حركة حماس موافقتها على خطة ترامب، تلك الخطة الخبيثة، لكن الموافقة الرسمية أتت على شكل مراوغة سياسية، لكن من دون دعوة للتصادم، حيث بيان حماس فيه نوع من الشكر لترامب، وكذلك يتضمن طرح تعديلات على شروط الخطة، وهذا يعني تحقيق النجاح للطرفين. وهذا سر الحنكة السياسية لحماس.

والنتائج ظهرت لاحقاً، حيث عبر ترامب عن رضاه عن بيان حماس، لدرجة أن الرئيس ترامب تكلم مادحاً بيان حماس، ونزل صورته على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجه الشكر لحماس إلى الدول التي كان لها دور في المفاوضات، وعلى رأسهم مصر وقطر والسعودية والأردن على دورهم في دعم تحقيق السلام في الشرق الأوسط - بحسب تعبيره-.

 مفاجأة ترامب بعد موافقة حماس

بعد موافقة حماس والبهجة والسعادة التي اجتاحت مواقع ترامب، قام هذا الرئيس الغريب بالضغط المباشر على "تل أبيب" كي يوقفوا هجومهم الكبير الذي كانوا يجهزون له لتدمير ما بقي من مدينة غزة، ولإكمال مجازرهم بحق الأطفال والنساء والشيوخ. وقد طلب ترامب بشكل رسمي وعبر تصريح إعلامي أن يوقفوا إطلاق النار وقصف الأحياء السكنية لكي يتحقق السلام (كما عبر هو).

الحقيقة أول المتفاجئين من هذا الموقف كان المجرم "نتنياهو" الذي كان يحضر فعلاً بهجوم بربري على مدينة غزة خصوصاً بعد اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين، فكان يرغب في رد قاسٍ على الخطوة الأوروبية عبر إحراق غزة! وكان يحاول أن يوصل فكرة لترامب مفاده: أن رد حماس يعني الرفض... لكن ترامب لم يعطه فرصة وسبقه في إعلان البيان الصحفي، مما جعل المجرم "نتنياهو" أمام الأمر الواقع.

لذلك اضطرت قيادة الجيش الصهيوني إلى إعطاء أوامر بتجميد خطة الهجوم على غزة، فقط يحافظ على المناطق التي احتلها وتحصين دفاعاته.

 المجرم نتنياهو ونقض العهود

من طبيعة بني صهيون نقض العهد، حيث تراجع السفاح –نتنياهو- فبعد ساعة من كلامه عن توقف الهجوم على غزة، عاد ليقول: نحن لم نقل سنوقف القصف، بل قلنا سنقلل من شدته! وبالفعل استمر الجيش الصهيوني بتنفيذ عمليات قصف في غزة وعمليات تفجير مباني، وتسبب فعلهم في سقوط عشرات الشهداء... وهنا نتساءل: إذن ماذا حصل بعد زوبعة ترامب، بإعلان التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في غزة؟

 مصر تعلن عن مؤتمر العريش

هنا أحاول أن نرتب الأحداث كي تكون الصورة واضحة، أولاً قامت مصر بإعلان بيان تشكر فيه حركة حماس على بيانها الذي أعلنت موافقتها على مبادرة ترامب للسلام، وكذلك قامت مصر بشكر ترامب لمساعيه في فرض السلام، وهذا شغل مصري سياسي لترطيب الأجواء بين مختلف الأطراف. ثم أعلنت مصر عن مؤتمر شامل يوم الاثنين القادم (6 – اكتوبر-2025)، ويقام في العريش، كي يتم مناقشة الخطة والتنسيق في ملف تبادل الأسرى تمهيداً لأنهاء الأزمة وإيقاف نهر الدم، وإنقاذ ما تبقى من غزة.

المؤتمر سيكون بإدارة مصرية بالكامل، وسيكون التفاوض على أعلى المستويات بين الأطراف المتنازعة، وقد قالت التسريبات سيكون هنالك مبعوثين من أمريكا هما زي ستيف ويتكوف، وقد يكون ثالث وهو جاريد كوشنر. والتسريبات تقول أن "تل أبيب سترسل الوزير صاحب النفوذ الكبير على اللوبيات الصهيونية وهو رون ديرمر، الملقب ب (ظل نتنياهو) وهو يميني متطرف، بل إن حتى أهالي الأسرى اليهود يكرهه ويسموه "المعرقل" أو "المخرب"، لكن اختياره يحمل أمرين: إما دليل الاهتمام بالمؤتمر.. أو السعي لإفشال المؤتمر.

هل نتنياهو يسعى لإفشال المؤتمر؟

الوزير المخرب والمقرب جداً من نتنياهو (رون ديرمر)، قد يكون إرساله للمؤتمر بهدف إفشال المؤتمر، كي يعيق أي اتفاق لتبادل الأسرى، ويعمل لصالح ما يريده سيده نتنياهو، وليس من أجل مصالح "تل أبيب" التي قد تكون مع السلام حالياً، بدل حالة الحرب. فوضعه على رأس الوفد التفاوضي معناه أن الملف سياسي وليس أمني، وأن الهدف الحقيقي من المشاركة في المؤتمر هو شراء الوقت لصالح نتنياهو.

فيكون هذا المخرب أداة نتنياهو كي يبطئ المفاوضات ويوجهها حسب رغبته، وبما يخدم أهدافه سياسياً، ويجعله يهرب من أي محاكمة محلية أو دولية لو تم إيقاف الحرب.

 ماذا تريد حماس من المؤتمر؟

سؤال مهم جداً وهو: ماذا تريد حماس من مؤتمر العريش؟ هل ذكرت شيئاً ما في البيان..

أول طلب لحماس هو زيادة المدة التي أعطاها ترامب لإطلاق سراح الأسرى، والتي حددها ترامب ب 72 ساعة، وقد طالبت حماس بجعلها أسبوع على الأقل، كي يتمكنوا من جمع الأسرى من الفصائل، ويخرجونهم من بعض المواقع التي هدمها القصف الصهيوني.

أما الأمر الثاني الذي تطلبه حماس هو الإصرار على انسحاب جزئي لجيش الاحتلال الصهيوني من غزة، وكذلك رفضت حماس فكرة نزع السلاح بالكامل، حيث صرحت بعض القيادات بأهمية بقاء السلاح الدفاعي، وأنها مستعدة لتسليم سلاحها الهجومي للدولة الفلسطينية.

الشعب الأمريكي والأوروبي يطالب بالعدالة

حالياً صوت الشعب الأمريكي والأوروبي عالي جداً، بالإضافة لتحرك الإعلام الحثيث والمطالبة بإيقاف مجزرة غزة، فلأول مرة نشاهد الإعلام الأمريكي ينتقد الكيان الصهيوني بشكل صريح، لدرجة أن الإعلامي الأمريكي اليميني (تاكر كارلسون) عمل حلقة كاملة في برنامجه ينتقد فيها الكيان الصهيوني، وتحكمها بالقرار الأمريكي، بل حتى ضغطها على الرئيس نفسه، حيث أصبح الأمريكيون يرون رئيسهم لعوبة بيد "تل أبيب"، لذلك يسعى ترامب لإرضاء جماهيره في إظهار نفسه قوياً ذو قرار مستقل عن "تل أبيب".

التظاهرات الكبيرة في العواصم الغربية، في باريس وروما ومدريد وبرلين وسيدني ولندن، ومطالبتها في محاكمة نتنياهو وإيقاف مجزرة غزة، ثم نتيجة الضغط الحدث الأكبر وهو: اعتراف العواصم الأوروبية بدولة فلسطين، كل هذا شكل ضغط حقيقي لتغير بوصلة القرارات.

 تساؤلات مصيرية

في النهاية الأيام المقبلة سوف تعطينا إجابات عن هذه الأسئلة:

  • هل ستتوقف الحرب؟

  • هل ستتم محاكمة نتنياهو كمجرم حرب؟

  • هل تفتح المعابر لدخول المساعدات والأدوية لغزة؟

  • هل سيكون هناك حملة إعمار دولية لغزة؟

  • هل سيعود الأسرى الفلسطينيين لذويهم؟

  • هل يحقق المؤتمر طموحات العرب؟

  • هل يلتزم المجرم نتنياهو بتوصيات المؤتمر؟

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 1
حزين حزين 0
رائع رائع 0