عين للأنباء – تقارير دولية

في تطور بحري غير مسبوق، تمكنت سفينة “ميكينو”، إحدى سفن "أسطول الصمود العالمي"، فجر الخميس، من اختراق الحصار البحري المفروض على قطاع غزة والوصول إلى المياه الإقليمية الفلسطينية، رغم أكثر من 20 محاولة اعتراض إسرائيلية، لتفتح بذلك فصلاً جديداً في معركة كسر الحصار المستمرة منذ 18 عاماً.

 مبادرة مدنية تتحول إلى حركة عالمية

وُلدت فكرة أسطول الصمود (Global Solidarity Fleet – GSF) منتصف عام 2025 كمبادرة تونسية – دولية مدنية، يقودها ناشطون ومنظمات إنسانية من أكثر من 40 دولة.
اختار القائمون عليها اسم “الصمود” للدلالة على الثبات في مواجهة الحصار، وهدفهم المعلن هو إيصال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة، خصوصاً الأدوية والمستلزمات الطبية، في ظل تشديد إسرائيل لإغلاق المعابر منذ مارس الماضي.

الأسطول انطلق أواخر أغسطس/آب من الموانئ الإسبانية، مؤلفاً من 44 سفينة تحمل مئات المتطوعين والناشطين، ما جعله أوسع مبادرة بحرية جماعية تتجه نحو غزة منذ سنوات.

 اعتراضات إسرائيلية واعتقالات جماعية

لم يمر الأسطول بسلام. فقد هاجمت البحرية الإسرائيلية مساء الأربعاء القوافل البحرية في المياه الدولية، وأمرت السفن بالتوجه قسراً إلى ميناء أسدود.
ووفق مصادر من الأسطول، سيطرت القوات الإسرائيلية على نحو 20 سفينة من أصل 45، بينها السفن الكبيرة والقائدة، واعتقلت العشرات من الناشطين على متنها، بينهم 25 ناشطاً تركياً.

السلطات الإسرائيلية أكدت عبر وزارة خارجيتها أن المشاركين في طريقهم إلى الترحيل نحو أوروبا، فيما اعتبرت أن الأسطول "يخدم حركة حماس" وزعمت أن "هذه ليست مبادرة إنسانية بل جهادية"، داعية السفن إلى الرسو في ميناء عسقلان لتفريغ المساعدات تحت إشرافها.

 “ميكينو” تتحدى الحصار

رغم الحصار المشدد، سجلت سفينة “ميكينو” إنجازاً وُصف بـ"التاريخي" بعدما نجحت في دخول 9 أميال بحرية داخل مياه غزة، لتكون أول سفينة تكسر الحصار بشكل عملي منذ سنوات.
وقال يوسف عجيسة، نائب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة:

“كل سفينة تصل غزة تمثل انتصاراً للإنسانية، وما تحقق اليوم إنجاز غير مسبوق رغم القبضة العسكرية الإسرائيلية”.

إدانة إسبانية وصمت رسمي واسع

الهجوم الإسرائيلي على الأسطول أثار ردود فعل غاضبة، حيث أدانت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية العملية ووصفتها بـ"جريمة ضد القانون الدولي"، فيما طالبت منظمات إنسانية بالإفراج الفوري عن المعتقلين دون شروط.

أما تركيا، فقد أعلنت أن قوات البحرية الإسرائيلية اعتقلت 25 من مواطنيها ضمن الحملة، ما ينذر بتوتر دبلوماسي جديد بين أنقرة وتل أبيب.

 أسطول إيطاليا قادم

لم تتوقف التحركات عند حدود “ميكينو”. فقد أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن انطلاق موجة جديدة من السفن من ميناء سان جيوفاني لي كوتي في إيطاليا يوم السبت 27 سبتمبر، بالتعاون مع مبادرة “ألف مادلين نحو غزة”، التي تهدف إلى تسيير ألف سفينة تضامناً مع القطاع المحاصر.

 غزة بين حصار خانق ومجاعة صامتة

يُذكر أن قطاع غزة يعيش منذ 18 عاماً تحت حصار إسرائيلي خانق، تصاعد منذ مارس الماضي مع إغلاق كل المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات، ما أدى إلى مجاعة متفاقمة تهدد حياة 2.4 مليون فلسطيني.

 معركة البحر تكسر الصمت

بينما تواصل إسرائيل عمليات التمشيط في البحر بحثاً عن أي قارب يقترب من غزة، تتواصل قوافل “أسطول الصمود” في تحدٍّ يعكس إرادة مدنية عالمية لكسر عزلة القطاع.
وإذا كان وصول “ميكينو” حدثاً استثنائياً اليوم، فإن المؤشرات تؤكد أن موجات أخرى من السفن قادمة، وأن البحر قد يتحول إلى جبهة مواجهة سياسية – إنسانية مفتوحة بين إسرائيل والمجتمع المدني العالمي.

#أسطول_الصمود #غزة #كسر_الحصار #فلسطين #التضامن_العالمي