دراسة فنلندية حديثة تشير إلى أن فضلات البطريق في القارة القطبية الجنوبية قد تساهم في تشكل السحب، ما يؤثر إيجابًا على مناخ واحدة من أكثر مناطق الأرض هشاشة بيئيًا.

من الروث إلى السحب: كيف يحدث ذلك؟

وفقًا للباحثين، فإن فضلات البطريق تحتوي على كميات كبيرة من الأمونيا، وهي مركّب كيميائي أساسي قادر على التفاعل مع مكونات أخرى في الجو لتشكيل نوى تكثيف السحب – وهي جزيئات دقيقة تسمح للماء بالتكاثف حولها وبالتالي تشكّل الغيوم.

الدراسة التي أُجريت قرب محطة مارامبيو الأرجنتينية في الطرف الشمالي الغربي من القارة القطبية الجنوبية، كشفت عن زيادة هائلة في تركيز الأمونيا في الجو عندما كانت الرياح قادمة من جهة محمية تضم حوالي 60 ألف بطريق. وقد بلغت هذه الزيادة ألف ضعف مقارنة بالرياح القادمة من اتجاهات أخرى.

المثير أن هذا التأثير استمر حتى بعد مغادرة البطاريق لموقعها خلال هجرتها الموسمية، حيث ظل تركيز الأمونيا أعلى بنحو مئة مرة من المعدل الطبيعي بعد مرور شهر.

لماذا الأمونيا مهمة؟

في الغلاف الجوي، لا يكفي وجود بخار الماء وحده لتكوين السحب؛ بل يجب وجود ما يُعرف بـنوى التكثيف – وهي جسيمات دقيقة يمكن للماء أن يتجمع حولها ويتكاثف ليكوّن قطرات سحاب.

وتحتاج هذه النوى إلى تفاعل بين مادة حمضية وأخرى قاعدية. في البيئات النظيفة مثل أنتاركتيكا، تكون هذه الجسيمات نادرة، مما يجعل وجود مصادر طبيعية مثل الأمونيا الناتجة عن فضلات البطريق أكثر أهمية.

تأثير إيجابي على المناخ؟

يعتقد العلماء أن تشكل السحب بفعل هذه الجزيئات يمكن أن يؤدي إلى انعكاس أشعة الشمس، وبالتالي تقليل درجات الحرارة وزيادة برودة المنطقة – مما يدعم التوازن المناخي في بيئة حساسة جدًا لتغير المناخ.

ويقول الباحث أوتمار مولر من معهد كارلسروه للتكنولوجيا في ألمانيا:

"لفهم تشكل السحب، نحتاج إلى تتبع التفاصيل الدقيقة في الغلاف الجوي... الأمونيا من مصادر طبيعية مثل البطريق تلعب دورًا مهمًا هنا، خاصة في مناطق نظيفة كأنتاركتيكا".

نظرة علمية جديدة للروث!

بينما تُعد مخلفات الحيوانات في كثير من الأحيان مصدرًا للتلوث في البيئات الحضرية، تُظهر هذه الدراسة أن في البرية، قد تكون الفضلات مفتاحًا بيئيًا في دورة المناخ الطبيعية.

فضلات البطريق ليست مجرد نفايات، بل عنصر فاعل في دورة الغلاف الجوي، تُسهم بشكل غير مباشر في حماية المناخ من خلال دعم تشكل السحب.