السياسة... فن أم حيلة وخداع؟

في قاعدة أخلاقية معروفة أن "الرجل كلمة"، وهي بالطبع لا تنطبق على الجميع

 0
السياسة... فن أم حيلة وخداع؟

بقلم: رحيم الخالدي

هناك مفهوم شائع بأن "السياسة فن الممكن"، لكن عندما تتحول إلى خداع، يصبح مستقبلها أشبه بلعبة ثعالب، وهو أمر مستهجن لدى العقلاء.
وفي قاعدة أخلاقية معروفة أن "الرجل كلمة"، وهي بالطبع لا تنطبق على الجميع، بل على من يحترم نفسه، فيصل به الحد إلى إنصاف عدوه، ولا يقبل المداهنة، ولا يخون العهد، وهو التزام شرعي قبل أن يكون مجرد كلام رجال.


مفاوضات وذريعة للمؤامرة

تابع الجميع كيف تحولت المباحثات الأمريكية–الإيرانية غير المباشرة، برعاية سلطنة عُمان، إلى مسرح لآمال كاذبة، رافقتها تصريحات "ترامبية" تحذر الكيان الغاصب من التهور وضرب الجمهورية الإسلامية. بدا الجانب الإيراني مطمئنًا بعدم وجود نية للاعتداء، بناءً على أن القرار بيد أمريكا.

لكن المفاجأة كانت قاسية، إذ تعدى "كلب أمريكا"، كما وصفه الكاتب، على السيادة الإيرانية، عبر خلايا مزروعة داخل البلاد قامت بتصفية قيادات إيرانية في محاولة لإسقاط الحكومة.
اتضح فيما بعد أن المباحثات لم تكن سوى غطاء لعملية مخطط لها بدقة ومرتبطة بالموساد. الهدف كان تصفية القيادات التي تقع عليها مسؤولية إدارة الدولة، لإحداث إرباك شامل.
لكن التهيؤ المسبق للجمهورية الإسلامية كان حاسمًا، وتم إسناد المهام لأشخاص مؤهلين، وفي اليوم ذاته جاء الرد الإيراني مزلزلًا.


خداع أمريكي متكرر

من العجيب – وليس مستغربًا – أن تكرر أمريكا أساليب الخداع. الكيان الغاصب نفذ الضربات، وأمريكا تفرجت بدايةً، ثم أعلنت مساندتها لاحقًا.
كانت التحليلات تقول إن الكيان لن يجر أمريكا إلى الحرب، لكنه في النهاية لم يكن وحيدًا، بل كان مدعومًا بشكل غير معلن، في محاولة لإيهام العالم وتجنّب التصعيد الدولي، خصوصًا من قبل روسيا، الصين، وكوريا الشمالية، تفاديًا لتحول الصراع إلى حرب عالمية ثالثة، وهو ما تخشاه أمريكا خشية الخسارة المذلة.


أوروبا... الصمت المشين

الموقف الأوروبي الصامت أثار سخرية المتابعين. لم تُصدر أي جهة إدانة واضحة للاعتداء، وهو ما يُفسر كشكل من أشكال التواطؤ.
أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد أثبتت – بحسب المستندات الإيرانية – أنها أداة بيد الصهيونية العالمية. إذ أن تقارير التفتيش التي ترفعها الوكالة كانت تصل إلى الكيان الغاصب، مما وضع الوكالة ومديرها رافائيل غروسي في موقف محرج، وقدمت إيران شكوى ضده في الأمم المتحدة.

الكيان الصهيوني يمتلك مفاعلًا نوويًا غير خاضع لاتفاقية منع التسلح النووي، ولا يحق للوكالة تفتيشه، ومع ذلك، تعطي لنفسها الحق في تقييم برامج دول أخرى مثل إيران.
هذا المعيار المزدوج، مع الصمت الأوروبي وموقف مجلس الأمن المتخاذل، يثير تساؤلات كبيرة، خاصة أن أمريكا، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، لم يعد لها شرعية التدخل في درجة التخصيب الإيرانية.


الرد الإيراني... وتغيير المعادلة

إيران أثبتت للعالم أنها دولة عظمى، تمتلك ترسانة متطورة من الأسلحة، وقد تجاوزت الآخرين بسنوات تقنيًا.
الرد الإيراني على الكيان كان صادمًا، بصواريخ عالية الدقة والتدمير، فلو لم يُفتح خط تفاوض سريع لإيقاف الضربات مقابل تعويضات عن الخسائر، لكانت نهاية "الكيان الغاصب" قد وقعت بالفعل، ولاختفت عبارة "دولة إسرائيل" من خرائط المنطقة.

أمريكا، من جهتها، تدخلت من أجل إنقاذ "كلبها المدلل"، الذي بات بقاؤه في المنطقة العربية مكلفًا ومهددًا.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0