استثمرت الحكومات العراقية 80 مليار دولار في تطوير الكهرباء... فأين ذهبت تلك الأموال؟
كتابة ملخّص حول تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل عام

أحمد موكرياني
نظرًا لخبرتي الناتجة عن مساهمتي في محاولة تطوير مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام توربينات غازية بطاقة 400 ميغاواط في اليمن، قررت – بعد نقاش مع أحد الأصدقاء – كتابة ملخّص حول تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل عام:
-
أولًا: كنا نعتمد على التقدير التخميني بأن تكلفة إنتاج ميغاواط واحد من الكهرباء بواسطة توربين غازي تُقدّر بحوالي مليون دولار.
-
ثانيًا: في دراسة أعددناها عام 2002 بمشاركة 7 شركات، قُدّرت تكلفة إنتاج كيلوواط واحد من الكهرباء بحوالي 1.7 سنت دولار أمريكي.
-
كما أن تكلفة إنشاء محطة كهربائية بطاقة 400 ميغاواط، إلى جانب مدّ خطوط النقل من مأرب إلى ساحل البحر الأحمر، ثم الكابل الغاطس إلى جيبوتي، بلغت قرابة 500 مليون دولار.
التواصل مع المؤسسات المالية الدولية
تواصلتُ شخصيًا مع البنك الدولي في ثلاثة لقاءات:
-
الاجتماع الأول في السفارة الهولندية بصنعاء، بحضور السفير الهولندي.
-
الاجتماع الثاني في مقر البنك الدولي بواشنطن.
-
لقاء مع مسؤول الشرق الأوسط في مؤسسة IFC، الذراع التمويلي للمشاريع الخاصة التابعة للبنك الدولي.
كما تواصلت مع بنك هولندي تجاري أبدى إعجابه الشديد بالمشروع وأبدى استعداده لمناقشة تمويله. قال لي أحد مسؤولي البنك، وكان قد عمل سابقًا في البنك الدولي بأفريقيا:
«إذا نفذتَ هذا المشروع، فإنك تستحق جائزة نوبل.»
فأجبته مازحًا: «لا أريد جائزة، بل Boterham (كلمة هولندية تعني "شطيرة خبز"، أي فائدة تجارية ومعيشية).»
فابتسم وقال: «ستحصل على الاثنتين.»
الاستعانة بالذكاء الاصطناعي: حجم الإنفاق العراقي على الكهرباء
بالرغم من خبرتي السابقة في هذا المجال، رغبتُ أن أوثقها باستشارة الذكاء الاصطناعي.
السؤال الأول: كم أنفقت الحكومة العراقية على تطوير الطاقة الكهربائية؟
جواب الذكاء الاصطناعي:
منذ عام 2003، أنفق العراق ما بين 60 إلى 80 مليار دولار أمريكي على قطاع تطوير وإنتاج الكهرباء، بحسب تصريحات رسمية وتقارير متعددة صادرة عن:
-
الحكومة العراقية
-
ديوان الرقابة المالية
-
هيئة النزاهة
-
البنك الدولي
تفصيل المصادر:
-
تصريح وزير الكهرباء العراقي (2022): إنفاق بين 50 و60 مليار دولار.
-
تقارير هيئة النزاهة: الإنفاق يتجاوز 80 مليار دولار عند احتساب العقود المبرمة، خاصة تلك التي لم تُنفذ بالكامل.
-
اللجنة المالية في البرلمان العراقي: أشارت إلى إنفاق بين 60 و70 مليار دولار مع فساد كبير وهدر وسوء تخطيط.
السؤال الثاني: كم مقدار الطاقة الناتجة عن استثمار 80 مليار دولار؟
جواب الذكاء الاصطناعي:
يعتمد مقدار قدرة التوليد التي يمكن إنشاؤها على نوع محطات الطاقة. إليك تقديرًا تقريبيًا استنادًا إلى التكاليف الرأسمالية النموذجية:
نوع الطاقة | تكلفة رأس المال لكل ميغاواط | السعة الممكن إنشاؤها بـ80 مليار دولار |
---|---|---|
الطاقة الشمسية الكهروضوئية | 1 مليون دولار | 80,000 ميغاواط (80 جيجاواط) |
الرياح (على اليابسة) | 1.3 مليون دولار | 61,500 ميغاواط (61.5 جيجاواط) |
الرياح (في البحر) | 3.5 مليون دولار | 22,800 ميغاواط (22.8 جيجاواط) |
الغاز الطبيعي (CCGT) | 1 مليون دولار | 80,000 ميغاواط (80 جيجاواط) |
الفحم | 2.5 مليون دولار | 32,000 ميغاواط (32 جيجاواط) |
الطاقة النووية | 6–10 ملايين دولار | 8,000–13,000 ميغاواط (8–13 جيجاواط) |
تفسير مبسّط:
مع 80 مليار دولار، يمكن بناء 80 جيجاواط من الغاز الطبيعي أو الطاقة الشمسية، وهو ما يكفي لتشغيل حوالي 60–80 مليون منزل، اعتمادًا على الاستخدام.
ملاحظة مهمة: هذه التقديرات تشمل تكاليف رأس المال فقط (باستثناء الوقود والتشغيل والنقل وغيرها).
الواقع المؤلم في العراق
رغم هذا الإنفاق الضخم:
-
الإنتاج الكلي للطاقة لا يزال غير كافٍ، مع انقطاعات مستمرة خاصة في الصيف.
-
الطاقة الإنتاجية المُعلنة عام 2024: قرابة 24–26 ألف ميغاواط، بينما الحاجة الفعلية تتجاوز 35 ألف ميغاواط.
-
معدل التزويد الفعلي للمواطن: 12–18 ساعة يوميًا في معظم المحافظات.
-
العراق يستورد الكهرباء والغاز من إيران لسد النقص بما بين 1,200–1,800 ميغاواط في بعض المواسم.
أسباب الفشل رغم الإنفاق الكبير
بحسب المعلومات الموثقة:
-
الفساد المالي والإداري في العقود والمشاريع.
-
سوء التخطيط وغياب الرؤية الوطنية طويلة المدى.
-
غياب الصيانة المنتظمة للمحطات القائمة.
-
الاعتماد على محطات تعمل بالوقود السائل غير الفعّال.
-
تهالك شبكة النقل والتوزيع وتعرضها للتخريب في بعض المناطق.
-
عدم تنويع مصادر الطاقة (شبه اعتماد كامل على الغاز).
أسئلة لا بد من طرحها
-
من سرق 80 مليار دولار التي تدّعي الحكومات العراقية المتعاقبة أنها صُرفت على قطاع الكهرباء؟
-
لماذا لا يُستجوب وزراء الكهرباء بشأن الفساد وعجزهم عن تطوير هذا القطاع خلال 22 عامًا؟
-
من هي الشركات المحلية والعالمية التي حصلت على مناقصات ومشاريع كهربائية ولم تنفذها أو نفذتها بشكل ناقص؟
-
لماذا لا تُعيّن الحكومة شركة عالمية رصينة مباشرة، دون وسطاء، لتطوير الكهرباء عبر مناقصة شفافة، تشمل:
-
تحديد فترة زمنية ملزمة للتنفيذ.
-
إعلان الكلفة التفصيلية للإنشاءات وكلفة الطاقة المُنتَجة.
-
إعداد دراسة جدوى اقتصادية مفصّلة لإنتاج وتوزيع الكهرباء في عموم العراق.
-
دراسة خيارات إنتاج الكهرباء من الغاز أو الطاقة الشمسية.
-
نشر هذه الدراسة في وسائل الإعلام العراقية المكتوبة والمرئية لتقييمها علنًا.
-
كلمة أخيرة إلى رئيس الوزراء
إلى رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني:
لتكسب ودّ الناس، اعمل عملًا صالحًا لصالح الشعب العراقي المستضعف، وستنجح بإذن الله في الانتخابات المقبلة، وتُسجّل صفحة بيضاء في التاريخ الأسود الذي يعيشه العراق اليوم.
قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا» (مريم: 96).
اقتراح عملي للشفافية والمحاسبة
-
تشكيل هيئة قضائية عليا مستقلة، لا تنتمي لأي من أحزاب السلطة.
-
أنصح باختيار قضاة من المكون الكردي غير المنتمين إلى الأحزاب الحاكمة في الإقليم، حتى لا يكونوا منخرطين في المنظومة الحزبية الشيعية أو السنية، ولا يخشون في الحق لومة لائم، حتى لو طالتهم الأحكام بأنفسهم.
-
-
التعاقد مع شركات عالمية متخصصة في التحقيقات المالية واسترداد الأموال في أوروبا وأمريكا وأستراليا على أساس مبدأ «No Cure No Fee»، أي «لا أتعاب دون تحقيق نتائج».
-
تمنح هذه الشركات نسبة 10٪ من المبالغ المستردّة أو المشاريع التي دُفعت أموالها ولم تُنفذ.
-
هذه الشركات تستطيع تتبّع ثروات المسؤولين وأبنائهم ورجال الأعمال في الخارج والتحقيق في مصادر أموالهم واستثماراتهم وعقاراتهم.
-
في حال رفضهم الإفصاح عن مصادر الأموال أو إثبات شرعيتها، يمكن ملاحقتهم قانونيًا ومصادرة ممتلكاتهم.
-
كل ذلك دون أي مصاريف إضافية على الحكومة العراقية سوى النسبة المتفق عليها بعد استرجاع الأموال والعقارات.
-
ختامًا
بهذا المسار، يمكن للعراق أن يرفع مستويات الشفافية دوليًا، بما يُتيح تمويل مشاريع كبرى، ويشجع على جذب الاستثمارات العالمية إلى البلاد.
ما هو رد فعلك؟






