مثلث الأزمات في العراق.. الإعلام، الشائعات والسياسة

حادثة جنائية وتأثيرها على الرأي العام

أغسطس 30, 2025 - 12:19
 0
مثلث الأزمات في العراق.. الإعلام، الشائعات والسياسة

محمد النصراوي


كل مرة تهتز فيها الساحة العراقية بحادثة جنائية مثيرة، يتبين أن القصة أبعد بكثير من مجرد ملف أمني.
فالحوادث الفردية سرعان ما تتحول إلى قنابل رأي عام، يتناقلها الناس في المقاهي ومواقع التواصل، لتصبح مادة للتجييش والتوظيف السياسي.

المفارقة أن ما يُضخم أحياناً لا يكون الأخطر من حيث طبيعة الجريمة أو حجمها، بل بما يحمله من قابلية للتحريك الجماهيري وصناعة الغضب الشعبي.


ازدواجية الاهتمام وكواليس صناعة الرأي

خلال الفترة الماضية، شاهدنا كيف يمكن لقضية واحدة أن تستحوذ على اهتمام الرأي العام بشكل يفوق عشرات القضايا الأخرى، بعضها أشد فداحة لكنها مرت مرور الكرام.

هذه الازدواجية تكشف وجود لاعبين غير مرئيين يعرفون تماماً أي ملف يثير العاطفة العامة، وأي ملف يظل في الظل.
القضية التي هزت الشارع لم تكن مجرد مأساة إنسانية، بل تحولت إلى أداة ضغط نفسي وسياسي على الدولة، خصوصاً مع غياب رواية رسمية متماسكة وسرعة انتشار الشائعات.


الإعلام ومنصات التواصل: المسرع الأساسي

وسائل الإعلام ومنصات التواصل لعبت دور المسرع، إذ باتت فضاءً مفتوحاً لتداول الروايات دون تحقق.
وهنا برز سؤال: لماذا لم تقم الدولة بدورها في ضبط الرواية منذ اللحظة الأولى؟ ولماذا تُرك المجال مفتوحاً لجهات تتقن فن التلاعب بالمزاج المجتمعي؟


البيئة المهيأة لإعادة إنتاج الأزمات

البعد الأخطر لا يكمن في الحادثة نفسها، بل في البيئة التي تجعل من حادثة فردية مادة لإعادة إنتاج خطاب فقدان الثقة بالمؤسسات، وتغذية شعور الانهيار في المجتمع.

مثل هذه الحالات تعكس هشاشة العلاقة بين المواطن والدولة، وتفضح ضعف أدوات الردع والاتصال الحكومي، كما تكشف عن وجود معركة خفية تُدار على مستوى الرأي العام، حيث تُستخدم القضايا الجنائية كوقود سياسي له أبعاد متعددة.


مثلث الأزمة: الحدث، الإعلام، السياسة

الاستقصاء البسيط لمجرى التفاعل يكشف ثلاث حلقات مترابطة:

  1. الحدث نفسه.

  2. التغطية الإعلامية المتسارعة والمتناقضة.

  3. الاستثمار السياسي الذي يحول الغضب الشعبي إلى ورقة ضغط ضد الآخرين.

إذا جمعنا هذه الحلقات، نجد أننا أمام مشهد يتجاوز البعد الإنساني إلى صراع إرادات.


العراق اليوم: حرب على السوشيال ميديا

العراق لا يواجه مجرد جرائم متفرقة، بل حرباً على السوشيال ميديا، حيث تُصاغ قصص وتُضخم أخرى، لتصبح كل حادثة اختباراً جديداً لمدى صمود الدولة في مواجهة الحملات المنظمة.

السؤال الذي يفرض نفسه: هل ستستفيق المؤسسات يوماً لتمنع تحويل كل حادثة فردية إلى أزمة وطنية، أم أن الأمر سيظل ينفلت من يدها؟

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0