بالسلاح والسيادة: تركيا تحول الماء إلى سلعة
يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا بنسبة كبيرة من موارده المائية

حسام عبد الحسين
يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا بنسبة كبيرة من موارده المائية، بينما تنفذ تركيا مشاريع كهرومائية وري، مثل سد إليسو، مما يؤثر على تدفق المياه. كما أن التغير المناخي تسبب في انخفاض 30% من تدفق الفرات خلال عقدين، وسوء إدارة المياه في العراق وسياسات الري غير المستدامة يزيد من تفاقم الأزمة.
هنا يستغل النظام الرأسمالي الأزمة، ويحيل المورد العام إلى سلعة، كما حولت تركيا المياه إلى سلعة عبر نهري دجلة والفرات، مستخدمة إياها لتعظيم أرباح الشركات التركية، مثل شركات البناء والطاقة المسيطرة على مشاريع السدود. كما استثمرت تركيا في قطاعات تحلية المياه والري، محققة أرباحًا طبقية، حيث تستفيد شركات مثل "لِمَاك" و"إنكا" الإنشائية من مشاريع السدود والتحلية، خصوصًا في البصرة.
ورغم ذلك، لا تستطيع تركيا تنفيذ مشاريعها إلا عبر أفراد داخل العملية السياسية الحاكمة في العراق، الذين يتعاونون مع رأس المال التركي عبر صفقات استثمارية مُربحة، بينما يدفع ثمن الأزمة الفلاحون والعمال وعموم المجتمع، نتيجة تدمير الزراعة العراقية، التي يعتمد عليها 30% من السكان. كما يسمح النظام التركي بتجاوز السيادة عبر إنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية لحماية هذا الاستثمار، وهو استغلال مشابه لما تفعله إسرائيل بمياه الجولان والضفة الغربية.
وتتجاوز الاستثمارات التركية في العراق 20 مليار دولار في قطاعات الطاقة، البنية التحتية، والتجارة. ومن الإطار القانوني، لا توجد معاهدة شاملة لإدارة المياه بين العراق وتركيا، رغم اتفاقيات أولية مثل بروتوكول 2009. وينص القانون الدولي (اتفاقية الأمم المتحدة 1997) على "الاستخدام المنصف والمعقول" للموارد المشتركة، لكن تركيا لم توقع على هذه الاتفاقية، مما يمنحها مبررًا للتهرب من الالتزامات.
لذلك، فإن هذه الأزمة ليست نزاعًا دوليًا فحسب، بل حلقة من حلقات تراكم رأس المال عبر الاختلاس، حيث تُسرق موارد الشعوب لصالح برجوازية حاكمة محلية وعالمية. الحلول الإصلاحية، مثل المفاوضات، تبقى عقيمة لأنها لا تقطع جذور النظام الرأسمالي المنتج للأزمات.
أما الحل الجذري، فيتطلب مواجهة هذا المشروع الذي حوّل الماء إلى سلعة تخدم جيوب الطبقات الحاكمة، عبر تحالف عمالي–فلاحي عراقي–تركي–سوري يرفع شعار: "الماء ملك للجميع، لا سلعة للإمبريالية"، أو وجود دولة حقيقية تنتزع حق مواطنيها في المياه، وهو أمر غير متوفر حاليًا.
ما هو رد فعلك؟






