بقلم: هادي جلو مرعي

رسائل عابرة لمن غرّتهم المناصب

لا أحد معنيٌّ بهذه الكلمات بشكل شخصي، لكنها رسائل عابرة لي ولسواي، ممن غرتهم الدنيا بزيفها الزائل.
ربما هي حكمة بالغة أن تفكر في صناعة اسم يكون لك منصباً أبدياً، لا يُسلب منك، ويوازي مسيرتك في الحياة حتى النهاية.

الاسم.. المنصب الذي لا يسقط

صناعة الاسم عملية شاقة، لكنها مثمرة. اسمك يتحول إلى منصب رفيع لا يسلبه منك أحد، ولا يستهين به أحد.

في المقابل، قد تصنع الغفلة من مئات الأشخاص شخصيات واهية، تتسلق مواقع تنفيذية وتشريعية، لكنها تذوي سريعاً.
لأنها استمدت قوتها من المنصب، لا من الذات. وبمجرد زوال الكرسي، يعود الاسم إلى اللا أهمية.

أما صاحب الاسم الرفيع، فهو لا يكترث بالمناصب. وإن حصل على منصب، كان بالنسبة له مرحلة عابرة، يؤسس لما بعدها بجهد وعطاء وتواضع وأخلاق.

عُقد نقص على هيئة مسؤوليات

كثير من الناقصين وصلوا إلى مناصب، بعضهم رفيعة، وبعضهم الآخر وضيعة. لكنها مع ذلك أشعلت في نفوسهم تكبّراً زائفاً، وتصنّعاً أجوف، وعجرفة هوجاء، كـ"ناقة جامحة في البيداء".

ثم تمرّ الأيام، وتنطفئ الأضواء، ويجد "صاحب المنصب" نفسه خارج المشهد:

• لا سلطة

• لا غرور

• لا أبهة

يُعيد فتح هاتفه للجميع، بعد أن كان لا يردّ إلا على من "يستحق" الرد.
يوزع الابتسامات الرخيصة، يظهر في الشارع كأن شيئاً لم يكن، ويتجاهل نظرات الذين رأوه من قبل متكبراً، متغطرساً، مؤذياً.

قرارات الغرور... قبل لحظة السقوط

كم من موظف نُقل تعسفياً، وكم من شخص حُرم من حقه، لا لشيء سوى إشباع غرور مسؤول مشبع بعُقد النقص والحرمان الأبدي.

كان هذا المسؤول منشغلاً بـ:

• المتع الزائلة

• الأموال الطائلة

• السفر والتفاخر والتباهي

ناسيًا أن هناك لحظة مغادرة مُرّة، لحظة تسقط معها الأوهام، وينتهي كل شيء إلى النسيان، كما في رائعة عبد الكريم عبد القادر:

"بيني وبينك غربةٍ كنها الليل
ما عاد يذكرنا مكان التلاقي
ارحل مع النسيان
وبرحل مع سهيل
ما عاد في قلبي لك اليوم باكي"

خاتمة

المنصب لا يصنع قيمة، بل القيمة تصنع المنصب.
الغفلة قد ترفع الجاهل مؤقتاً، لكنها لا تبقيه هناك طويلاً.
فالكرامة في أن تصنع اسماً، لا أن تحتمي بمسمى.