فشل خطة الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات في غزة: رفض دولي وتحذيرات من استغلال إنساني
وسط أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، تواجه خطة الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات المدعومة أميركيًا انتقادات دولية واسعة، في ظل مخاوف متزايدة من تس

خطة "إنسانية" بواجهة عسكرية
في مايو 2025، طرحت سلطات الاحتلال خطة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تركز على مناطق الجنوب، خصوصًا رفح وخان يونس. وتقضي الخطة بإنشاء "ممرات آمنة" ومراكز توزيع، مع اشتراط استخدام تقنيات بيومترية مثل بصمة الوجه والعين لتلقي المساعدات.
ورغم أن الخطة تُسوَّق على أنها تهدف إلى ضمان وصول الإمدادات إلى المدنيين دون أن تصل إلى جماعة حماس، إلا أن مراقبين حذروا من أن هذا النوع من الرقابة يُستخدم لفرض تحكم كامل بالسكان وتحقيق أهداف أمنية تتجاوز الإغاثة.
انسحاب مؤسسات دولية ورفض أممي
في 20 مايو 2025، أعلن المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، انسحاب وكالته من الخطة، واصفًا إياها بأنها "مشروع عسكري مُقنّع برداء إنساني". وقال لازاريني:
"لا يمكننا المشاركة في خطة تفتقر إلى الحياد وتستغل معاناة السكان لإعادة توزيعهم جغرافيًا".
انسحبت أيضًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود، مؤكدتين أن الخطة تنتهك مبادئ الحياد والاستقلال وعدم التمييز، التي تُعد أساسية في العمل الإنساني.
أزمة إنسانية خانقة ونزوح غير مسبوق
بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (UNOCHA)، فإن أكثر من 500 ألف فلسطيني نزحوا داخليًا منذ مارس 2025، معظمهم نحو جنوب القطاع، نتيجة القصف المستمر وتدمير البنية التحتية في شمال غزة.
ووفق تقرير نشره موقع الجزيرة في أبريل، فإن 99% من سكان غزة نزحوا قسرًا أو تلقوا أوامر بالإخلاء. كما أدت عمليات الإغلاق المتكررة للمعابر إلى شلل في إدخال الوقود والأدوية والمواد الغذائية، ما فاقم الوضع الكارثي.
أبعاد أمنية ودوافع سياسية
رغم الادعاءات الإنسانية، يرى خبراء أن الخطة تهدف إلى تحقيق مكاسب أمنية للاحتلال، من خلال خلق مناطق "مُنضبطة" قابلة للمراقبة وتسهيل العمليات العسكرية مستقبلاً.
وفي تحليل لمجلة "فورين بوليسي"، وصف الباحث مايكل هورتون الخطة بأنها:
"مثال واضح على توظيف الإغاثة كأداة ضغط سياسي ضمن مشروع أمني لإعادة تشكيل خارطة غزة السكانية."
مؤسسة "غزة الإنسانية": اسم مضلل وسجلات أمنية
أُسند تنفيذ الخطة إلى مؤسسة غير معترف بها دوليًا تُدعى "غزة الإنسانية"، تديرها شركة أمنية خاصة من فلوريدا، ويترأسها ضابط أميركي خدم في العراق وأفغانستان. وتشير تحقيقات صحفية إلى أن المؤسسة لا تعمل بشفافية، وتُجري "تحققًا أمنيًا" قبل صرف المساعدات.
تحقيق نشرته قناة الجزيرة في 21 مايو كشف أن المساعدات تُوزع بناءً على بيانات بيومترية يُجمعها الاحتلال، في خطوة عدّتها منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" أداة للمراقبة والانتهاك المنهجي للخصوصية.
بيانات بيومترية مقابل كيس دقيق!
استخدام التقنية البيومترية لتحصيل المساعدات أثار ردود فعل غاضبة من منظمات حقوقية، معتبرة أن الفلسطينيين يُحوّلون إلى ملفات استخباراتية تُخضعهم لرقابة أمنية دائمة.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" في بيان بتاريخ 23 مايو:
"ما يُمارس في غزة لا يدخل ضمن أي إطار إنساني، بل هو جزء من مشروع أمني أوسع للسيطرة على السكان."
آثار نفسية واجتماعية مدمرة
يرى مختصون أن ربط الإغاثة بالانتماء السياسي أو الموقع الجغرافي يُكرّس التمييز الاجتماعي ويهدد النسيج المجتمعي في غزة. ويقول الدكتور زياد أبو هين، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى:
"استخدام الغذاء كأداة ضغط يُدمر الثقة المجتمعية ويحوّل الفقر إلى أداة للابتزاز السياسي."
سياسة تجويع في ثوب إنساني
يتضح من تسلسل الأحداث أن خطة الاحتلال لتوزيع المساعدات ليست سوى وسيلة جديدة للضغط السياسي وإعادة ترتيب الوضع السكاني في غزة وفق أجندة أمنية. ومع انسحاب مؤسسات أممية معتبرة، وغياب الشفافية، وتحكّم شركات أمنية خاصة بالعملية، يُطرح سؤال أخلاقي كبير: هل ما يجري هو حقًا إغاثة، أم إعادة صياغة للواقع تحت غطاء إنساني زائف؟
ما هو رد فعلك؟






