دمشق بين تطبيع هادئ وإعادة تموضع إقليمي: تسريبات تكشف تحولات غير مسبوقة

كشفت مصادر خليجية رفيعة المستوى لصحيفة عبرية عن لقاءات رسمية مباشرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، في تطور وصفه مراقبون بأنه بداية لتحول استراتيجي في

 0
دمشق بين تطبيع هادئ وإعادة تموضع إقليمي: تسريبات تكشف تحولات غير مسبوقة

من السر إلى العلن: تسريبات تكشف المستور

الخبر الذي نشرته صحيفة ماكور ريشون العبرية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية خليجية، حمل عنوانًا لافتًا: "ذاب الثلج وبان المرج"، في إشارة إلى أن العلاقات بين دمشق وتل أبيب دخلت مرحلة الانكشاف العلني بعد سنوات من الاتصالات السرية.

الصحيفة تحدثت عن لقاءات رسمية شملت ملفات سياسية واقتصادية، وذكرت أن رجال أعمال إسرائيليين، بينهم شخصيات من أصول سورية، بدأوا اتصالات فعلية للدخول إلى السوق السورية، لا سيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

طرد قادة فلسطينيين: تصفية أم تموضع؟

في خطوة موازية، ذكرت الصحيفة أن دمشق بدأت بطرد عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، خصوصاً المرتبطين بحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وتربط المصادر هذه الخطوة بتفاهمات إقليمية شملت تعهدات من زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني للولايات المتحدة، في إطار وساطة غير معلنة.

ويأتي ذلك ضمن جهود الجولاني لإعادة تقديم نفسه كشريك محلي "قابل للتطبيع السياسي"، بدعم تركي قطري، وغضّ طرف أميركي، مقابل إخراج الفصائل الفلسطينية من مناطق نفوذه، و"عدم تعطيل" أي مسار تقارب محتمل بين دمشق وتل أبيب.

الاقتصاد كأداة تطبيع: "إسرائيل" تتحرك نحو دمشق

التقارير تشير إلى أن رجال أعمال إسرائيليين يسعون لاختراق السوق السورية، مستخدمين ملف إعادة الإعمار كبوابة أولى، مع التركيز على تجنب التسييس المبكر لهذه العلاقات. ووفق مصادر الصحيفة، فإن هذه التحركات تُجرى بالتنسيق مع شخصيات نافذة في دمشق ترى في الانفتاح الاقتصادي مدخلًا لتخفيف العقوبات وكسر العزلة الدولية.

ويُعتقد أن بعض رجال الأعمال المشاركين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع دوائر صنع القرار في "إسرائيل"، كما أن حضورهم داخل السوق السورية يتم بقبول "براغماتي" من أوساط داخل النظام.

إعادة هندسة إقليمية بدعم خارجي؟

المراقبون يرون أن ما يجري يمثل إعادة تموضع مدروسة في السياسة السورية، قد تكون برعاية روسية أو خليجية، وتستهدف إنهاء العزلة التي تعيشها دمشق، مقابل تقديم تنازلات كانت تُعد حتى وقت قريب "خطوطًا حمراء".

ويُرجح أن تكون هذه التحركات جزءًا من صفقة إقليمية موسعة، تُشرف عليها أطراف عربية وبدعم أميركي، تُمهد لدمج سوريا في النظام الإقليمي الجديد، ضمن ترتيبات أمنية واقتصادية تتجاوز الأطر الأيديولوجية التقليدية.

من يربح ومن يخسر؟

الخاسرون المحتملون:

  • الفصائل الفلسطينية التي طالما اعتبرت دمشق قاعدة دعم استراتيجية.

  • الخطاب القومي العربي، الذي يرى في التقارب مع "إسرائيل" انهيارًا لرمزية "الممانعة".

الرابحون المحتملون:

  • النظام السوري، الذي يعيد تدوير نفسه إقليميًا.

  • "إسرائيل"، التي تحقّق مكاسب استراتيجية بلا تكلفة عسكرية.

  • أطراف خليجية قد ترى في هذه الخطوة وسيلة لتحجيم نفوذ قوى إقليمية منافسة مثل إيران وتركيا.

سوريا إلى أين؟

التحولات الجارية تطرح سؤالًا جوهريًا: هل تسير دمشق نحو "تطبيع هادئ" يُبقي على شعاراتها التقليدية شكلًا، أم أنها بصدد إعادة تموضع جذري ضمن نظام إقليمي جديد، تُرسم خرائطه بعيدًا عن منطق الصراع التقليدي؟

في ضوء المتغيرات الإقليمية المتسارعة، قد تكون سوريا على عتبة مرحلة جديدة، لا تعكس فقط تغييرًا في السياسة، بل تحولًا في تعريف موقعها ودورها ضمن معادلة الشرق الأوسط المتشكّلة.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0