بيت المدى يحتفي بالمهندس الاستشاري هشام المدفعي
عين نيوز
 
                                    البيئة المحيطة ذات تأثير كبير على بناء شخصية الفرد، وقد وجد هو ضمن أسرة ثقافية وفنية وعلمية، امتهن أفرادها الفن، والهندسة، والسياسة، والاجتماع، والثقافة، وكونوا علاقات في تلك المجالات، عُدّت هذه الاسرة من أهم وأعرق الاسر العراقية...
أما هو: فيُمكن ان نتعرف إليه من خلال امتزاجنا بهذه البلاد، ذلك أن بصمته باتت مطبوعة في كل شارع، وبناية، وعلى وجه الخصوص تلك البنى التي عدّت من اهم معالم بغداد.
 المهندس الاستشاري هشام المدفعي في ضيافة بيت المدى في شارع المتنبي صباح يوم امس الجمعة، احتفاءً بتجربته وسيرته، ولتوقيع كتابه " نحو عراق جديد ..سبعون عاماً من البناء والإعمار"
جانب من سيرته 
الجلسة قدمها الباحث  رفعت عبد الرزاق ، مُشيرا إلى ان بيت المدى سعيد اليوم بالاحتفاء برمز مهم كالمهندس الاستشاري هشام المدفعي، وقال عبد الرزاق " ترك المدفعي الكثير من الآثار المعمارية في العراق، والكثير من البصمات في الحركة الانشائية، منذ ان تخرج من كلية الهندسة عام 1950، دخل المدفعي عالم الهندسة الواقعية، والتنفيذية بشكل مباشر."
وعن أسرته وتولده أشار الباحث قائلا " ولد المدفعي بأسرة بغدادية شهيرة، في بغداد 1928 .والده المرحوم حسن فهمي المدفعي  أحد رجال الادارة ومدراء الشرطة العامين في العهد الملكي وأحد اكبر الشخصيات في تأسيس الدولة العراقية، وعرفت أسرته بأعلامها المشهورين : قحطان المدفعي المهندس المعماري والفنان الكبير إلهام المدفعي الموسيقي والشخصية الاجتماعية اللطيفة، وآخرين ،هذه الاسرة أنجبت للعراق الحديث كثيراً من الشخصيات اللامعة التي خدمت البلد."
 درس المهندس هشام المدفعي في المدرسة المأمونية الابتدائية وثم الثانوية المركزية ودخل كلية الهندسة وتخرج منها وعمل في مناطق مختلفة من العراق من الشمال إلى الجنوب، وترك آثاراً كبيرة ومشاريع فيه، ومن اهمها مشروع تطوير بغداد وهو مشروع عظيم أنجز البعض منه في الثمانينيات، ويكفي ان نقول إنّ شارع حيفا، أشرف المدفعي مباشرة على تنفيذه، وهذه نقطة دالة من نقاط مسيرته اللامعة، من محاسن الايام انه كتب مذكراته وهي على جانب كبير من الاهمية ،لأنها فصلت الحياة الانشائية والمعمارية بالعراق منذ الخمسينيات وحتى يومنا هذا . سمّى كتابه " نحو عراق جديد ..سبعون عاماً من البناء والإعمار" ولا يزال يؤمن أنّ العراق الجديد آتٍ لا ريب في ذلك.
مشاريعه 
هشام المدفعي وأسرته غنيّون عن التعريف، إلا ان الكثيرين في العراق يجهلون أهم المشاريع  التي قدمها المدفعي والتي اشار لها المهندس ومصمم المدن علي نوري  في كلمته قائلا " سأتكلم بإيجازعن المدفعي فهو غني عن التعريف وهو من المبدعين الاوائل في علم الهندسة والعمارة والتراث والادب، للمدفعي  مساهمات كثيرة في أعمال العراق، حيث عمل  منذ الخمسينيات  في شركة نفط البصرة، وفي مجلس الإعمار وعمل في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات في مشاريعه والتي منها قناة الجيش والمواصلات ومشاريع الدواجن التي كانت رائجة في العراق، كما عمل مع حكومات كثيرة ملكية وجمهورية وما بعدها، وايضا عمل مشروع وزارة التخطيط."
  من إنجازات المدفعي  الكبيرة مخطط الإسكان العام في العراق، في السبعينيات وكان مخطط الاسكان من اهم المشاريع في العراق، حيث وضع خطة كاملة عن حل أزمة السكن في العراق منذ السبعينيات وحتى عام 2000 ،ولو نفذ هذا المشروع  لما كان هناك مشكلة سكن في العراق.
أشار نوري ايضا الى مشاريع اخرى للمدفعي ومنها " الجندي المجهول الجديد ونصب الشهيد وشارع حيفا ، كما عمل في مكتبه الخاص على مشاريع مهمة لتطوير المدن في العرق ،ومن مشاريعه :الخالص والمسيب وغيرهما، ومخططات للمحافظات ،مثل المثنى وصلاح الدين وبابل، ومشاريع تفصيلية كالموصل القديمة وغيرها، كما عمل على إعادة التشريع الخاص بالتصاميم الاساسية ،والمشروع لايزال تحت الدراسة منذ اكثر من 7 سنوات." 
 المهندس علي نوري عمل مع المدفعي لأكثر  من 10 سنوات في مكتبه دار العمارة، ويذكر قائلا"  من خلال عملي مع المدفعي وجدته إداريا لامعا وكفوءاً، له نظرة مستقبلية للامور، وهو دائم البحث عن الإبداع والتجديد وحاول التوفيق بينهما وبين ما هو موجود، دقيق في العمل ومنظم، وطموح لتقديم الافضل، التنوع والإبداع من صفاته المميزة وهو مثابر على العمل ."
 
جنّة الله مع وقف التنفيذ
المداخلات في الجلسة كثيرة، من بينها مداخلة الدكتوروالاستاذ في كلية الهندسة موفق الطائي الذي اعتاد أن يختصر الشخصيات بكلمة واحدة، فيذكر الطائي انه سمّى " قحطان المدفعي بـ " المبتكر" وسمّى الجادرجي بـ " الرجل المناسب في الوقت المناسب" وسيسمّي هشام المدفعي بـ  " النقطة الدالة" ." ذاكراً " لكني أستدرك الآن ان هو ليس فقط نقطة دالة معنى المكان ولكن بمعنى الزمان ايضا فهو نقطة دالة على مر العصور في تجربته وقد عمل في أعلى المستويات وأرقى الاوقات، ذلك أن التطور في العراق يشبه يوم القدر حيث تفتح السماء ابوابها، ويشبه الى حد ما الثورة الفرنسية، لهذا نرى ان نشاطات قبل الثورة اهم مما هي بعدها، وهذا ما حدث في تموز كان هنالك حمى ثقافية من النشاطات، حيث كانت الحركة التقدمية والفكر التقدمي."
وذكر الطائي " ان احد الاوقات التي فتحت فيها السماء ابوابها في العراق، حين بنيت ما يقارب 40 قرية ومدينة في عام ونصف، والتي كانت من ضمن مهام ثورة تموز والتي تسلمها المدفهي آنذاك، حيث انشأ في ذلك الوقت مدناً سميت بمدن المستقبل ، ذلك اننا  كان لدينا طابع وطني وتقدمي واخلاصي، لحد الآن تعدّ معجزة حين حققنا هذه المدن والقرى."
في ذلك الوقت الذي اشار له د. موفق الطائي بنى المدفعي تلك البنى لأشد الناس فقراً في العراق، ليذكر الطائي " أن بعدها نشأت مشاريع  اخرى وهي   مشاريع  مع بول سيرفس،  حاولنا  انا والمدفعي اعادة  التدقيق بالمشروعات السابقة ولم نجد لانفسنا اي غلطة، لنتساءل  أي علم كان لدينا واي انتاج حققناه في ذلك الوقت."
وعن باب سماء اخرى فتحت في يوم القدر يتحدث الطائي قائلا " في السبعينيات فتحت سماء ليلة القدر مرة اخرى حين تم بناء الجندي المجهول، في ذلك الوقت كان هناك خمسة من اهم مهندسي العالم يخططون لبناء بغداد، فتخيلوا كيف كانت ستكون بغداد ؟ مؤكد أنها كانت ستكون جنة الله على الارض ولكن من المؤسف انها مع إيقاف التنفيذ .
"
 شخصيّة اجتماعيّة موسوعيّة 
المهندسون الذين عملوا مع المدفعي في مكتبه الاستشاري كانوا من نوع  خاص جداً، يختلفون في ادائهم عن غيرهم، المهندس هشام عايد أحد مهندسي دار العمارة يتحدث عن تجربته مع المدفعي قائلا  "  في الحقيقة أنا أحد المهندسين القلائل الذين أتيحت لهم فرصة العمل في دار العمارة وهي فرصة لم تسنح لزملائي ،لأنها وجهتني بشكل صحيح، مذكرات المدفعي التي دونها في كتابه، هي  دراسة كتبها احد المهندسين الكبار وهي دراسة اجتماعية تاريخية هندسية تتخللها دراسات سياسية، لحظت ان شخصيته صقلت من خلال عائلته واصبح شخصا موسوعيا،  لاحظت ان المدفعي له خبرة كبيرة في التعامل مع المجتمع وحين ذهبنا الى طوز خورماتو  وجدت ان له حضورا في كل المجتمعات ويتحدث مع المهندسين والفلاحين والتجار صقلته الاحداث ومنفتح مع المجتمع ومتواصل معه، يتحدث عن العاملين في مجال الانشاءات."
وذكر عايد أن المدفعي كان يلقّب مهندسي الانشاءات بأنهم ابطال في الوقت الذي نجد الكثير من الاساتذة المعماريين متقوقعين على أنفسهم بينما هو له علاقة اجتماعية مع كل الفئات.
سبعون عاماً من البناء والإعمار
عن كتابه يتحدث زميله الذي واكبه خلال عمله في امانة بغداد الإعلامي عادل العرداوي قائلا  "  هذا الكتاب يجمع بين المذكرات والذكريات وهو يعادل اربعة كتب ، عملت مع المدفعي  بحدود 7 سنوات هو وكيل وزارة وانا موظف في المكتب الاعلامي للامانة رافقته في مشاريع عدة معالم في مدينة بغداد ، منها شارع حيفا، أبو نؤاس، نصب الجندي المجهول، ونصب الشهيد،  شارع الجمهورية الى حد ما."
ويذكر العرداوي أن " هشام المدفعي اداري لامع، وانسان حقيقي ومنصف في تعامله مع الموظفين، لايظلم أحدا، دقيق في الكلام دقيق في العمل وحريص جدا، المدفعي اقدم على خطوة توثيق المنجز الذي عاشه 70 سنه لانه حلقات من تاريخ بغداد ، ويتضمن اسرارا لحلقات مهمة في هذا الكتاب وتعريف لعوائل بغدادية برزت منها طاقات مهمة في مجالات الحياة، وهو معلم في الهندسة والاخلاق والسلوك العام وهو احد رموز المجالس البغدادية، وهو يحضر كمحاضر ومعقب ومصحح يعتد به، وعاصر معظم أعلام العراق."
العراق الجديد
المحتفى به ألقى كلمته التي كانت تحمل هموم البلاد، لا غير، وحاول من خلالها ان يحمّل كل فرد مسؤولية هذا البلد وقال هشام المدفعي " أنا أحد المهندسين العاملين بإخلاص في تطوير هذا البلد، المذكرات التي قدمتها هي سجل لما أمكن ان أعمله وأقدمه، ولكنها سجل ايضا لما يحدث في الوقت الحاضر، الهدف منها ان نضع خطة ونستمر في بناء البلد، البلد هو الهدف من كل ما نقوم به، كل منا يبني البلد بطريقته."
يجد المدفعي أن  الشيء الموجود في  كتابه هو شيء يتعلق بما نمرّ به حاليا من مآسٍ ومن جملة المآسي هي البيئة العراقية المتردية، وقال " أنا حاولت في هذا الكتاب التطرق الى البيئة العراقية،  حين امر في بغداد واطرافها اتألم حين ارى مزارع النخيل تتهاوى الواحدة تلو الاخرى، اضافة الى تردي الحالة الاجتماعية ، مؤسف جدا الاسلوب الذي يعيشه الانسان العراقي حيث يتعذر عليه الحصول على اي شيء، لذلك يعيش في مدن الصفيح، 40% من نفوس العراق تحت خط 
الفقر." يجد المدفعي أن على الجميع ان يعمل خطة لمستقبل العراق الجديد، يجب ان يكون العراق بشكل افضل، مؤكدا ان " انفتاح العراق بعد القضاء على داعش يعد انطلاقة جديدة للعراق، وأتمنى العمل على هذا الجانب  ليبدأ العراق من جديد." 
                        
ما هو رد فعلك؟
 أعجبني
        0
        أعجبني
        0
     لم يعجبني
        0
        لم يعجبني
        0
     أحببته
        0
        أحببته
        0
     مضحك
        0
        مضحك
        0
     غاضب
        0
        غاضب
        0
     حزين
        0
        حزين
        0
     رائع
        0
        رائع
        0
     
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 






 
                                             
                                             
                                             
                                             
                                             
                                             
                                             
                                            