حملات التسقيط قُبيل انتخابات 2025: نساء ورجال تحت قصف "الذباب الإلكتروني" والأخبار الزائفة

حسابات وهمية ومجموعات ممولة

أكتوبر 9, 2025 - 12:31
أكتوبر 14, 2025 - 18:37
 0
حملات التسقيط  قُبيل انتخابات 2025: نساء ورجال تحت قصف "الذباب الإلكتروني" والأخبار الزائفة

عين للأنباء – بغداد


مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، لا تقتصر حملات التشويه والتسقيط على المرشحات العراقيات فحسب، بل تمتد لتطال مرشحين رجالاً أيضاً، باستخدام مزيج من الأدوات الرقمية والميدانية.

هذه الحملات المنظمة تهدف إلى إضعاف سمعة مرشحين محددين، سحب شرعيتهم، وإخراج آخرين من ساحة المنافسة — عبر نشر أخبار زائفة، صور ومقاطع مفبركة، وحملات منسقة عبر حسابات مزيفة وبرامج آلية.

تقارير ومنظمات دولية ومحلية وثّقت هذه الظاهرة وحذّرت من تأثيرها المدمر على نزاهة العملية الانتخابية. 

التسقيط يستهدف الجميع

لا تميز أدوات التسقيط بين الجنسين إن كان الهدف هو إضعاف مشروع سياسي أو تحالف انتخابي، فالمرشحون الرجال يتعرّضون لحملات تشهير تسلط الضوء على قضايا فساد (حقيقية أو ملفقة)، افتراءات عن علاقات مشبوهة، أو توظيف صور ومقاطع مصوّرة مفبركة لزعزعة ثقة قواعدهم الانتخابية.

هذه الحملة على الرجال تستخدم غالبًا نبرات اتهامية تركز على الكفاءة والفساد، بينما تركز حملات التسقيط ضد النساء على الشرف والصورة الأخلاقية — وهو اختلاف يعكس القوالب الاجتماعية السائدة في العراق.

تقارير المراقبة خلصت إلى أن كلا النوعين من الحملات يسعى إلى تحقيق هدف واحد: التأثير النفسي وخلخلة ثقة الناخب. 

كيف تُدار الحملات؟

  1. حسابات وهمية ومجموعات ممولة: تُستخدم آلاف الحسابات المزيفة لرفع محتوى سلبي بكثافة (ريتكويت/مشاركة)، مما يمنح الانطباع بانتشار واسع وواقعية، صفحات ممولة تدعم رسائل مسيئة أو مُفبركة مقابل مبالغ مالية بسيطة. 

  2. أخبار كاذبة وفبركات مرئية: صور قديمة تُعرض على أنها حديثة، أو صور تُجرى عليها «فوتوشوب» لتشويه صورة المرشح/ة، بالإضافة إلى «مقاطع صوتية» مفبركة أحيانًا عبر أدوات تعديل الصوت، تقارير أكاديمية توثّق انتشار هذه التكتيكات في العراق والمنطقة.

  3. الـتسويق الإعلامي المضلل (التظاهر بالدعم الشعبي): شبكات آلية ترفع مواضيع محددة أو هاشتاغات لخلق «زخم» اصطناعي لصالح أو ضد مرشح، وتطفو بهذه السبل على خوارزميات المنصات، هذه الآليات تؤثر على مؤشر الرأي العام الرقمي وتُضخّم الانقسامات. 

  4. دفع «حملات الشرف» و«التشهير الجنسي»: أدوات مسيئة تستهدف النساء بتسريبات مزعومة أو صور مفبركة تهدف إلى الإخراج المجتمعي للمرشحة. في المقابل، يُهاجم الرجال غالباً بتهم فساد وولاءات سياسية.

  5. تقارير إقليمية ودولية رصدت حالات أدّت إلى انسحاب مرشحات من السباق. 

  6. دفع «الخبر المضلل» عبر الوسائل المحلية: تعاون بين صفحات إخبارية صغيرة ومجموعات على فيسبوك وتلغرام لنشر روايات مختلقة ثم إعادة تدويرها ضمن شبكات محلية لزيادة مصداقيتها الظاهرة.

الذباب الإلكتروني: من يقف وراءه؟

مصطلح «الذباب الإلكتروني» (electronic brigades) يصف شبكات من الحسابات المدفوعة أو المدارة سياسياً والتي تعمل لصالح أحزاب، فصائل أو كيانات سياسية، أحيانًا بتواطؤ مقاولين رقميين.

في العراق، تُظهر عمليات الرصد أن هذه الشبكات قد تكون مرتبطة بأحزاب أو جهات فاعلة تسعى للحفاظ على نفوذها أو تقويض خصومها، كما تظهر حالات تدخل خارجي أو «شرق أوسطي» أوسع في صناعة رأي عام ممول إلكترونياً.

تقارير المراقبة والأبحاث تُحذّر من أن هذه القوّة الرقمية قادرة على خلق انطباعات زائفة يقاس واقعها عند صناع القرار والناخبين. 

أمثلة واقعية وتوثيق محلي ودولي

  • بعثة يونامي: وثّقت حالات من خطاب الكراهية والتهديدات الموجهة ضد مرشحات في انتخابات سابقة، ودعا إلى آليات لحمايتهن من العنف السياسي الرقمي والجندري. 

  • رويترز نقلت شهادات نساء انسحبن أو تعرضن لضغوط بسبب مزيج من التهديدات الواقعية والحملات الرقمية في انتخابات 2021.

  • مراقبون محليون ومراكز بحثية سجلت ارتفاعًا في الرسائل الموجهة ذات الطابع الطائفي والإثني والمجتمعي خلال الدورات الانتخابية، مع توثيق لحملات ممولة عبر صفحات محلية.

الآثار المباشرة 

  1. انسحاب مرشحين/مرشحات: ضغوط التشهير والتهديدات تدفع بعض المرشحين إلى الانسحاب، ما يغيّر خريطة التنافس ويخدم أهدافًا سياسية ضيقة. 

  2. تآكل الثقة في المؤسسات: انتشار الأخبار الزائفة يقلّل ثقة الجمهور في الإعلام والعملية الانتخابية وفي مؤسسات الدولة إن لم تتحرّك سريعًا. 

  3. تفاقم التمييز الجنسي: الحملات الموجهة للنساء تعيد إنتاج قيود اجتماعية وثقافية تمنع التمثيل المتوازن. 

ماذا يجب أن تفعل الجهات المعنية؟ 

بحسب توصيات خبراء ومنظمات دولية ونتائج العمل الميداني المحلي، أوصت بعدد من النقاط لمواجهة هذه الحالة:

  1. إنشاء خلية متابعة مركزيّة لمكافحة التضليل داخل المفوضية أو وزارة الاتصالات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، تعمل على رصد وإزالة المحتوى الكاذب وإحالة الجرائم للجهات القضائية. 

  2. تعزيز حماية المرشحات والمرشحين قانونيًا: تفعيل نصوص منع التحريض والتهديد الرقمي، وضمان متابعة سريعة من النيابات المختصة لحالات التشهير والابتزاز.

  3. تنسيق مع منصّات التواصل لإغلاق الحسابات الوهمية وحجب حملات الدعائية المدفوعة، وتفعيل آليات الشفافية بشأن الإعلانات السياسية الممولة. 

  4. حملات توعية رقمية ومجتمعية تركز على محو الأمية الإعلامية لدى الناخبين: كيف يميّزون المصدر الموثوق، وكيف يتعاملون مع الشائعات. 

  5. دعم مبادرات التحقق المستقلة من مصادر الأخبار الكاذبة وتمويل رقابة مدنية متخصصة لرصدها. 

حملات التسقيط في العراق قبل الانتخابات 2025 تأخذ طابعًا متكاملًا يجمع بين العبث الرقمي والتهديد الميداني، وتستهدف نساءً ورجالًا على حد سواء؛ لكنها تتخذ أساليب مختلفة بحسب نوع المستهدف: الشرف والعرض ضد النساء، والفساد والولاءات ضد الرجال، ودون إجراءات فورية فعّالة — قانونية وتقنية وتوعوية — ستبقى الساحة الرقمية ساحة لقطع الطريق على فاعلين سياسيين وإضعاف العملية الديمقراطية برمتها. 

الأمل يبقى في تجاوب السلطات، وتضافر جهود المجتمع المدني والمنصّات الرقمية لإحباط محاولات تسقيط المرشحين وإبقاء المنافسة نزيهة وشفافة.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 1
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 1
حزين حزين 0
رائع رائع 0