الكُرد الفيليون الضحية الأكبر لـ 85 قراراً جائراً
يُعد الكُرد الفيليون جزءاً أصيلاً من المجتمع العراقي

عباس عبد شاهين
الوجود العريق للكُرد الفيليين في العراق
يُعد الكُرد الفيليون جزءاً أصيلاً من المجتمع العراقي، عاشوا منذ القدم في مدن مثل الكوت، وديالى بالاضافة إلى العاصمة بغداد وغيرها من المدن والمحافظات، وقد شكلوا قوة فاعلة في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، خاصة بعد تهجير اليهود العراقيين بين عامي 1949 و1951 ومع ذلك لم يشفع لهم هذا الوجود العريق أمام آلة القمع التي مارسها النظام السابق لاسيما عبر سلسلة من القرارات الجائرة التي استهدفتهم بشكل ممنهج، فحطمت حياتهم واقتلعتهم من جذورهم.
التهمتان الموجهتان إليهم
وتكمن مأساة الكُرد الفيليون في كونهم حملوا تُهمتين في نظر النظام السابق، وهما انتماؤهم لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وتمسكهم بقوميتهم الكُردية، دون أن يتخلوا عن وطنيتهم الصادقة وهويتهم الأصيلة، ولعل الأكثر مرارة أن معاناتهم لم تلق الاهتمام الكافي حتى من قِبل أحزاب المعارضة التي تسلمت الحكم بعد عام 2003، ليجد الكُرد الفيليون أنفسهم ضحية مزدوجة للمذهب والقومية معاً.
مأساة قانونية وإدارية ممنهجة
إن معاناة الكُرد الفيليين لم تكن مجرد عملية تهجير عابرة، بل هي مأساة قانونية وإدارية ذات طابع إقصائي مقصود، إذ عمد النظام إلى إصدار عشرات القرارات الظالمة والمجحفة التي شكلت غطاءً قانونياً لتنفيذ مخططاته المشينة، في واحدة من أبشع حملات التطهير العرقي والمذهبي في تاريخ العراق الحديث.
أكثر من 85 قراراً ظالماً
وتشير الإحصاءات إلى أن مجلس قيادة الثورة المنحل قد أصدر حينها أكثر من 85 قراراً استهدفت الكُرد الفيليين بشكل مباشر، فكانوا الأكثر تعرضاً للممارسات العدوانية التي دمرت حياتهم، سواء بإسقاط الجنسية العراقية أو مصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، أو فصلهم من الوظائف العامة ومؤسسات الدولة.
ذروة الحملة في عام 1980
وبلغت ذروة هذه الحملة الظالمة عام 1980 إبان الحرب العراقية – الإيرانية، حين جرى تهجير عشرات الآلاف من الكورد الفيليين إلى الحدود الإيرانية في ظروف إنسانية مأساوية قاسية، وغالباً عبر طرق مزروعة بالألغام، بعد أن جُردوا من جميع وثائقهم الثبوتية، وقد رافق هذا التهجير تغييب أكثر من 20 ألف شاب فيلي، ولا تزال عائلاتهم تجهل مصير رفاتهم حتى اليوم، وهي تأمل أن يكون للحكومة تحرك أكثر جدية وفعالية في هذا الملف الإنساني المهم.
معاناة في إيران والهجرة إلى أوروبا
أما الجانب الإيراني فلم يتعامل معهم كمواطنين إيرانيين، بل منحهم إقامة مؤقتة باعتبارهم عراقيين، مما دفع كثيرين منهم إلى الهجرة نحو أوروبا، بينما ظل آخرون متمسكين بحلم العودة إلى وطنهم، وهو ما تحقق بعد عام 2003 لكن وبرغم سقوط النظام، فإن الإرث الثقيل للقرارات الجائرة ما زال قائماً ولم تحل جذوره جذرياً، وفي مقدمتها قضية الجنسية والعقارات المصادرة التي لم تُسترد إلا من قبل قلة قليلة، فضلاً عن ملف رفات الشهداء المغيبين الذي بقي مجرد حبر على ورق.
الأمل في استرجاع الحقوق
ان الامال ما زالت معلقة على استرجاع الحقوق، ولا تُمحى من الذاكرة تلك القسوة والمعاناة التي خلفتها القرارات الجائرة، وستظل الأجيال القادمة تنسج تلك القيم النبيلة التي جسدها أبطالنا في وقوفهم ضد أعتى دكتاتور عرفه العالم.
كلمة ختامية
لدينا من رجالات الدولة وأبناء العشائر الأوفياء من لهم كلمتهم في الدفاع عن حقوقهم المشروعة، وسنمضي بثبات وإصرار في محاسبة من ظلمنا حتى وإن طال الانتظار، بعزيمة رجالنا المخلصين لقضيتهم العادلة.
“إذا لم تستطع رفع الظلم، فأخبر عنه الجميع على الأقل”
علي شريعتي – مفكر إيراني
ما هو رد فعلك؟






