رغم غيابها عن جلسة المناقشة... جامعة البصرة تعقد جلسة المناقشة لطالبة ماجستير

حين تصير قاعات الجامعة مسرحًا للغياب، ويصبح الكرسي شاهداً على جريمة اسمها الإهمال

يوليو 31, 2025 - 19:27
 0
رغم غيابها عن جلسة المناقشة... جامعة البصرة تعقد جلسة المناقشة لطالبة ماجستير

في ظهيرةٍ مشبعة بالحزن، جلس الأب في آخر مقعد من القاعة، ويده تمسك بهدوء على أطراف صورة مؤطرة. عينا ابنته تنظران إليه من الورق بابتسامة خجولة، كأنها تهمس:
"أبي، أنا هنا… لم أغب تمامًا."

في جامعة البصرة، التي شهدت مناقشات رغد الطويلة، وكتبها الملطّخة بحبر الإجابة، وملاحظاتها المبعثرة بين القواميس والمصادر، انعقدت جلسة مناقشة رسالة الماجستير الخاصة بها… لكن من دونها.

الكرسي المخصص لها كان فارغًا، لكنه لم يكن صامتًا.
على مقعدها، وُضعت صورتها، ونسخة من رسالتها الموسومة بترجمة الأدب الإنجليزي.
أما قلب والدها، فكان ممتلئًا بالكلمات التي لم تُقال، والدموع التي لم تجد وقتًا لتنهمر.

"شهيدة العلم، شهيدة الفساد، شهيدة اللامبالاة"...
هكذا وصفها والدها.
لم يكن يتحدث فقط عن ابنةٍ خطفتها النيران، بل عن وجع أمةٍ كاملة تشاهد أبناءها يموتون في صالات التسوّق، وفي المستشفيات، وعلى الطرقات، لأن لا أحد يحاسب، ولا أحد يتعلم من الفقد.


رغد لم تمت بسبب الحريق... لقد اغتيلت تحت أنقاض الإهمال

مجمع تجاري كان يجب ألا يُفتتح أصلاً.
المبنى خضع للتغيير دون تدقيق: مطعم تحوّل إلى هايبر ماركت بلا شروط أمان، بلا مخارج طوارئ كافية، بلا أنظمة إطفاء… ويشوبه الكثير من الفساد.

في منتصف شهر تموز اللاهب، اجتاحت النيران ذلك المبنى في مدينة الكوت، وابتلعت أكثر من 60 ضحية، من بينهم رغد التي لم تُمنح فرصة للنجاة.
نادت، صرخت، لعل هناك من يسمع، لكن في بلدٍ ينام فيه القانون، لا أحد يسمع أحداً.

الجثث كانت متفحمة، والوجوه غابت عن الأنظار.
وحدها صور الضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي أعادت للناس أسماءهم.


رسالة لم تكتمل… وكرسي لم يُنسَ

أما الجامعة، فقررت ألا تمحو اسم رغد من بين دفاترها.
في التفاتة نبيلة، نظّمت جلسة لمناقشة رسالتها رغم غيابها، ومنحتها درجة الامتياز، وكأنها أرادت أن تقول:

"رغد، أنتِ لستِ ضحية فقط… بل باحثة، ومتفوقة، وإنسانة تستحق الحياة."


رغد… شهيدة بحجم وطن

كان من الممكن أن تكون رغد محاضِرة، مترجمة، كاتبة، أو حتى سفيرة للأمل…
لكنها صارت أيقونة ألم، شهيدة بحجم وطن.

في زمن يموت فيه الأبرياء بصمت، ويُكرَّمون بعد موتهم بصوتٍ خافت،
تبقى صورة رغد في القاعة، وعبارتها المكتوبة في صدر رسالتها:

"أهدي هذا الجهد إلى أبي وأمي، فأنتم الأمان حين تغيب المدينة."


لكن... ماذا لو؟

ماذا لو كانت أبواب النجاة مفتوحة؟
ماذا لو كانت رغد، ببساطة، ما زالت حيّة؟


#رغد_الغرباوي #شهيدة_الفساد #حريق_الكوت #جامعة_البصرة #رسالة_لم_تكتمل #صوت_الضحايا

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0