الانتخابات... التحدي المزمن أمام الديمقراطية

تواجه العملية الانتخابية في العراق تحديات مستمرة تجعلها تقف عائقًا أمام تحقيق الديمقراطية الحقيقية

 0
الانتخابات... التحدي المزمن أمام الديمقراطية

بقلم: محمد حسن الساعدي

تواجه العملية الانتخابية في العراق تحديات مستمرة تجعلها تقف عائقًا أمام تحقيق الديمقراطية الحقيقية، حيث يُعد التزوير المنظم أبرز هذه التحديات، والذي أفسد إرادة الناخبين وأفرغ العملية الانتخابية من معناها الحقيقي. تتعدد أشكال التزوير بين شراء الأصوات، التلاعب بالنتائج، استخدام البطاقات المزورة، والضغط على الناخبين، وكل ذلك يحدث في ظل ضعف واضح للرقابة وتسييس مفوضية الانتخابات. هذه الممارسات تؤدي إلى غياب المحاسبة، هيمنة الأحزاب المتنفذة، وانخفاض الوعي الانتخابي، مما يعيد إنتاج نفس الطبقة السياسية الفاسدة.

أساليب التزوير المتطورة

شهدت العراق تطورًا في أساليب التزوير، حيث انتقلت من التلاعب اليدوي إلى أساليب أكثر تعقيدًا، منها:

  1. التلاعب بنتائج العد والفرز: عبر تدخلات مباشرة في مراكز العد أو التلاعب بالبرمجيات المخصصة لنقل البيانات.
  2. شراء الأصوات: استخدام المال السياسي لاستغلال حاجة الناخبين، خاصة في المناطق الفقيرة.
  3. البطاقات الانتخابية المزورة: حالات اختفاء البطاقات أو استخدامها من قِبل آخرين دون علم أصحابها.
  4. الضغط على الناخبين: عبر الترهيب أو استغلال النفوذ الحزبي داخل دوائر الدولة لتوجيه التصويت.
  5. التلاعب بتوزيع المقاعد: استخدام طرق حسابية غامضة وغير شفافة تمنح بعض القوى تمثيلاً أكبر من حجمها الفعلي.

أسباب انتشار التزوير

يرتبط انتشار التزوير بعدة عوامل بنيوية، أبرزها:

  • ضعف الرقابة القضائية المستقلة: غياب الدور الفعّال للقضاء في مراقبة العملية الانتخابية.
  • تسييس مفوضية الانتخابات: حيث تتحكم الأحزاب المتنفذة في قرارات المفوضية.
  • تغلغل الأحزاب في أجهزة الدولة: مما يسهل التلاعب بمفاصل العملية الانتخابية.
  • غياب تطبيق القوانين بحق المزورين: رغم كثرة الأدلة، نادرًا ما يُحاكم شخص بتهمة التزوير.
  • ضعف الوعي الانتخابي: في بعض المناطق، يجعل المواطنين عرضة للاستغلال السياسي.

تداعيات التزوير

لا يقتصر التزوير على التأثير على نتائج الانتخابات فحسب، بل يمتد إلى عدة تداعيات خطيرة، منها:

  • انعدام الثقة بالعملية الديمقراطية: مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات العزوف عن التصويت.
  • شرعنة تمثيل قوى غير شرعية: حيث تُمنح الشرعية لقوى لا تعكس إرادة الشعب الحقيقية.
  • إعادة إنتاج الفساد السياسي: عبر بقاء نفس الطبقة السياسية في السلطة.
  • تغذية الانقسامات الطائفية والعرقية: حيث تُستخدم الانتخابات كوسيلة لتكريس المحاصصة.

نحو إصلاح العملية الانتخابية

للتغلب على هذه التحديات المزمنة، يجب اتخاذ خطوات جذرية لإصلاح النظام الانتخابي، من بينها:

  1. إصلاح مفوضية الانتخابات: اختيار أعضاء مستقلين حقًا بعيدًا عن تأثير الأحزاب.
  2. تفعيل الرقابة المحلية والدولية: لضمان نزاهة العملية الانتخابية في جميع مراحلها.
  3. تحديث النظام الانتخابي: بما يضمن عدالة التمثيل ويغلق منافذ التزوير.
  4. فرض عقوبات صارمة: على من يثبت تورطه في التزوير لضمان عدم تكرار هذا السلوك.
  5. رفع الوعي الانتخابي: من خلال حملات تثقيفية وتدريبية تساعد المواطنين على فهم حقوقهم الانتخابية.

خاتمة

إن مواجهة ظاهرة التزوير في الانتخابات العراقية تتطلب إرادة سياسية حقيقية وشجاعة في اتخاذ خطوات إصلاحية جذرية. بدونه، ستظل الانتخابات مجرد أداة لتكريس النفوذ السياسي، مما يعيق تحقيق التغيير الحقيقي الذي يطمح إليه الشعب. إصلاح المفوضية، تحديث النظام الانتخابي، وفرض الرقابة الفعالة هي المفتاح لتغيير المسار وضمان مستقبل ديمقراطي حقيقي للعراق.

#الانتخابات #الديمقراطية #الإصلاح_السياسي #تزوير_الانتخابات #وعي_انتخابي #مستقبل_العراق

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0