موقع أميركي: حملات دعائيّة على الفيسبوك أربكت الحكومة وتسبّبت بمواجهات
عين نيوز


ترجمة/ حامد أحمد
جاءت حرية التعبير الى العراق مع الاحتلال الاميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين في 2003، ومنذ ذلك الحين يعمل موقع الفيسبوك كمثير للفتن ويحجب الحقيقة عن العراقيين.
قبل سنتين وخلال أزمة أمنية سببها تنظيم داعش، اندلع قتال حول مدينة طوز خرماتو الواقعة في شمال العراق بين عناصر قوات البيشمركة ومقاتلين من الحشد الشعبي رغم أنهما كان من المفترض ان يكونا حليفين ضد التنظيم المتطرف.
هذا النوع من التصادم لم يكن شيئا جديدا في طوز خرماتو، فهناك ضغينة بين الطرفين منذ فترة طويلة وكانت إطلاقات النار تثار سابقا عن غضب، ولكن الشيء الجديد الذي تسبب بحدوث تلك المواجهة هو الدور الذي لعبه موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك).
مسؤولو كلا الطرفين كان يبثون صوراً وأشرطة فيديو على انها من طوز خرماتو ــ بحسب زعمهما ــ اشتملت على دبابات تحترق وعمليات قتال مع شاحنة مليئة بجثث رجال. والتقطت عدة وسائل إعلام عراقية بارزة تلك الصور وقسم منها بثت على شاشة التلفزيون.
ويستذكر خلف عواف، أحد قياديي قوات الحشد الشعبي المحليين هناك كيف أنه ورفاقه قرأوا على موقع فيسبوك بأن الكرد أرسلوا دبابات وقوات مكافحة إرهاب خاصة. كانت الامور تبدو سيئة عندها جهز رجال عواف معداتهم لمواصلة القتال.
ولغرض التأكد فقط مما كان يحدث على أرض الواقع فعلا وليس ضمن عالم الفيسبوك، اتصل عواف بمدير بلدية طوز خرماتو لمعرفة حقيقة ان الكرد أرسلوا فعلا مدفعية ثقيلة.
عندها قال عواف لصحفي من كركوك:"لقد أخبرنا مدير البلدية بأن هذا الخبر كاذب". ويضيف إن إطلاقات النار توقفت بعدها، مشيرا الى انه طلب في النهاية من هيئة الإعلام والاتصالات ان تغلق موقع التواصل الاجتماعي ضمن منطقة كركوك وطوز خرماتو،"لأن هذه المواقع بدأت تستخدم فقط لنشر الاكاذيب عن الطرفين."
بعد ذلك قال جنود من كلا الطرفين، إنهم يعتقدون بأن التقارير الكاذبة المتداولة على فيسبوك ربما كانت قد ساهمت بإطالة معركة تسببت في النهاية بمقتل ما يقارب 60 شخصا في الطوز.
ولم تكن تلك الحادثة الاولى من نوعها كما أنها ليست الاخيرة طالما ان العراق كبقية الديمقراطيات حديثة الولادة ما يزال يتعلم مدى الخطورة التي يمكن ان تكون عليها وسائل التواصل في بيئات تكون لنشر أخبار كاذبة عواقب مميتة.
أكبر الامثلة الصارخة على عواقب ما تناقلته أطراف عنصرية من اخبار كاذبة على فيسبوك وادت الى فاجعة كبرى ترقى الى الإبادة الجماعية هو ما حدث في دولة، ماينمار، بورما من تصفية جسدية لمجموعة الروهينغا العرقية.
عندما مثل مدير موقع فيسبوك، مارك زوكربيرغ، في جلسة استماع امام الكونغرس الاسبوع الماضي جوبه بعدد من الاسئلة فيما إذا كانت شركته متورطة بجريمة ما حصل من مأساة في مينمار، وعندها أقر زوكربيرغ بأن هناك مشكلة وتعهد بالعمل جاهدا على حجب أي خبر يحمل عبارات كراهية.
ولكن هذه المشكلة لا تتعلق بدولة بورما فقط إنها مشكلة عالمية. ولا يعرف ذلك أحد أفضل من الشعب العراقي الذي منح حرية التعبير بعد عام 2003 ليكون أسير موجة أخبار غير مسؤولة بثت على مواقع التواصل وبالاخص فيسبوك.
وبحسب إحصاءات شبه رسمية فإن أكثر من نصف العراقيين يدخلون على الانترنت على نحو منتظم يوميا، وما يقارب من 14 مليون عراقي يستخدم الفيسبوك.
واستناداً لإحصائيات عام 2016 فإن أكثر من نصف العراقيين يستخدمون هواتف ذكية توفر لهم خدمة الدخول للانترنيت واستخدام مواقع التواصل.
وأصبح الفيسبوك مصدر الأخبار وما يدور من شؤون حالية للمواطن العراقي حيث يتراسل خلاله مع الاصدقاء او يطلب وجبات طعام او يدخل للتسوق تبدأ من الملابس الى الاسلحة.
وهناك جانب خطير آخر هو ان وسائل إعلامية عراقية اعتادت ان تبث ما ينشر على فيسبوك من اخبار من دون ان يتأكدوا من صحة المصدر. أحد أسباب ذلك هو ان وسائل الإعلام تلك ليس لديها مراسلون على الارض هناك، او ان هذا الخبر المعين يفيد مصالح هذه المحطة الإعلامية او أجندتها السياسية.
وجاء غياب الجهاز الرقابي الإعلامي الرادع في العراق كداعم لهذه القنوات والوسائل الإعلامية، إذ لم يكن هناك من يوبّخ تلك الجهة الإعلامية التي نشرت الخبر.
كما أن ما حصل من أحداث داخل وحول إقليم كردستان في تشرين الاول الماضي بعد إجراء استفتاء تقرير المصير هو مثال آخر على ما تتناوله مواقع التواصل من أخبار كاذبة.
ففي منتصف تشرين الاول أرسلت بغداد قوات لإعادة الانتشار في المناطق المتنازع عليها، ولعب التطبيل الإعلامي من كلا الطرفين دوره على مواقع التواصل الاجتماعي حيث أظهرت أشرطة الفيديو على فيسبوك ويوتيوب أرتالاً ضخمة من عجلات عسكرية عراقية وهي تتوجه نحو الشمال.
كما تناولت أطراف كردية هذه المشاهد بشكل واسع على مواقع تواصلها الاجتماعي. وأدى ذلك الى قيام الجنود الكرد في بعض المناطق الاستعداد للتصدي وفي بعض المناطق الاخرى تطوع مدنيون لحمل السلاح لمواجهة القوات التي جاءت وقسم منهم غادروا بيوتهم.
كل ذلك حدث من دون أن يعي الناس الحقيقة في أن شريط الفيديو هذا كان فعلياً يظهر تحركات القوات العراقية قبل عدة اشهر وهي تتجه نحو الموصل لمواجهة مسلحي داعش هناك.
وصرح كريم النوري، المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي لوسائل الإعلام في حينها قائلا إن"مصالح إعلامية وصوراً، وفوتوشوب، وأفلاماً مفبركة بدأت تنهال على مواقع التواصل ما ادى الى زيادة حدة التوتر والاقتتال في ما بيننا. في الوقت نفسه أدت تلك الاخبار الى خلق حالة خوف وترقب لدى المدنيين حيث اضطر قسم منهم الى مغادرة بيوتهم."
وتبدو إدارة المشكلة بشكل نظامي صعبة جدا بالنسبة للحكومة العراقية.. أنها لجأت لمواجهتها بشكل ضعيف وواهن. وعلى سبيل المثال أنها لجأت العام الماضي الى"غلق"خدمة الانترنت على الجميع لمنع الطلبة من الغش في الامتحان. وفي العام 2014 فعلت نفس الشيء لمنع انتشار حملة داعش الدعائية على مواقعها الإعلامية مثل فيسبوك ويوتيوب.
عن: موقع ديلي بيست الأميركي
ما هو رد فعلك؟






