لا فوليا الاسبانية La Folia من الألحان الموسيقية القديمة في أوروبا التي لاقت رواجاً كبيراً فقد انتشرت في العديد من البلدان، ولا تزال أصداؤها تسمع في الموسيقى الشعبية خاصة في الدول الاسكندنافية وفي الموسيقى الحديثة. ظهر اللحن مطبوعاً سنة 1672 للمرة الأولى، لكنه كان معروفا ومستعملاً بصيغ متعددة منذ القرن السادس عشر على الأقل. لعبارة "لا فوليا" معانٍ كثيرة، منها الجنون، العبث الخ.. لكن أصل الشكل الموسيقي يعود الى رقصة من شبه الجزيرة الأيبيرية تتعلق بالخصب، توقيعها ثلاثة على أربعة (إيقاع ثلاثي) من القرن الخامس عشر. انتشرت هذه الرقصة في اسبانيا وايطاليا وكانت صاخبة وسريعة جداً ومن هنا جاءت العلاقة بالجنون والعبث.
كشكل موسيقي يبدو أن الفوليا هي تقنية ارتجالية على لحن بالسلم الصغير، عبارة عن تنويعات على اللحن يختلف عددها. فقد طور الموسيقيون قالباً بضمنه تتابع الكوردات (المسار الهارموني للعمل) لتقديم الموسيقى المصاحبة للرقصات. يميز الباحثون بين الفوليا القديمة والفوليا المتأخرة التي ترتبط بالموسيقار الفرنسي إيطالي الأصل جان باتيست لولي (1632 - 1687) وعمله "ألحان للأوبو على الفوليا الاسبانية" Air des hautbois Les folies d'Espagne (LWV 48) المطبوع سنة 1672. كانت الفوليا القديمة أسرع من الفوليا المتأخرة الجديدة التي تحمل مزايا وصفات أشكال موسيقية بطيئة معاصرة لها مثل رقصة الساراباند الجليلة أو شكل الباساكاليا. بذلك أصبحت الفوليا تتميز بلحن محدد مع مصاحبة محددة بتتابع ثابت للكوردات (التآلف الموسيقي) وسلمه ره الصغير هو السلم الاعتيادي لهذا اللحن الذي استعمله كل من كتب الفوليا.
كتب أكثر من 150 من الموسيقيين قطعاً باسم لا فوليا في عصر الباروك وما بعده لغاية منتصف القرن التاسع عشر، لكن المثير للانتباه أن الموسيقيين الألمان تجنبوا تأليف تنويعات لا فوليا على العموم. من أشهر هذه الأعمال ما كتبه اركانجيلو كوريلي وفرانشسكو جمنياني وفيفالدي، واستعمل باخ اللحن في واحدة من آريات كانتاتا الفلاح (عمل رقم 212)، كذلك هندل في متتابعته رقم 437 في ره الصغير. تلاهم لاحقاً كارل فيليب ايمانويل باخ (1714 – 1788) وأنتونيو سالييري (1750 – 1825)، وأشار بيتهوفن الى اللحن في الحركة الثانية من سيمفونيته الخامسة (1808).
بعد ذلك في القرن العشرين استعمل سرغي رخمانينوف (1873 – 1943) اللحن في عمله "تنويعات على لحن لكوريلّي" وهو العمل رقم 54 الذي كتبه سنة 1932 خصيصاً لعازف الكمان والمؤلف فريتس كرايسلر (1875 - 1962). ونجد اليوم اهتماماً باللحن وبظاهرة لا فوليا، وهناك أمثلة على استعمال اللحن والشكل في عصرنا الحديث، مثلاً في فلم ريدلي سكوت الشهير "1492 احتلال الجنة" الذي كتب موسيقاه الموسيقي اليوناني فانغليس (أيفانغيلوس اوذيسياس باباثناسيو) (1992).