سؤال التنوير..فقال الله ليكن نيوتن... وشاع الضياء
عين نيوز


| الحلقة 15 |
علــي حســـين
" لا شك إن هذا السبب وحده كان كافیاً كي یبقى الجنس البشري في جهل دائم للحقیقة ، لولا الریاضیات التي تعنى لا بالغایات و إنما بماهیات الأشكال وخاصیاتها والتي أشعت أمام الآدمیین معیاراً آخر للحقیقة ."
سبینوزا
عندما بلغ نيوتن الخامسة والخمسين من عمره قرر اعتزال الحياة العلمية ، وراح يبحث عن عمل يحصل من خلاله على مبلغ جيد من المال ، في تلك الأثناء عرضت عليه وظيفة مدير مدرسة " تشارتر هاوس " وهي مدرسة خاصة بالطبقة الارستقراطية الإنكليزية في لندن ، لم يعجبه العرض فكتب رسالة يعتذر فيها عن قبول الوظيفة :" أشكرك لإسناد أمر تشارتر هاوس إلي إلا أنني لا أرى فيه ما يغريني ، إذ إنه الى جانب العربة التي لا أبالي بها ، يقتصر المبلغ على 200 جنيه ، مع ملازمة هواء لندن ، ونوع من الحياة لا أحبه ولا أهواه ، وإني لا أرى كذلك ، إنه من المستحسن أن أقحم نفسي في أي سباق للحصول على مركز أعلى " .
كان نيوتن قبل هذه الرسالة قدم للبشرية عام 1684 كتاباً تحدّث فيه عن الكون باعتباره مكاناً عظيم الشأن يدركه العقل ، وهو كون يقيني يعمل في ظروف مطلقة ، وجميع الأحداث التي تجري فيه في الوقت نفسه هي أحداث متزامنة ، وجميع الأحداث المتزامنة التي حدثت على الأرض ، متزامنة أيضاً مع تلك التي حدثت في أكثر الكواكب بعداً عن الأرض ، وهكذا كان الكون عند نيوتن عبارة عن موقف معرفي عملي ، وكان الهدف من العلم هو اكتشاف الحقيقة للحصول على بيانات مؤكدة عنها ، ولما كانت المعرفة تسبق اليقين لذا بات نشرها للناس أمراً ضرورياً ومطلوباً .
يذهب معظم مؤرخو الفلسفة الى أن حركة التنوير التي ظهرت في القرن الثامن عشر استمدت إلهامها من " نيوتن " .فاذا كان الكون بنية تعمل وفقاً لمبادئ منطقية ، إذن من الممكن إدراكها بالعقل .كان الهولندي باروخ سبينوزا الذي ولد قبل نيوتن بعشرة أعوام ، قد أعلن إن الإنسان لديه القدرة على تطوير استخدام قدراته العقلية ، فلا بـــــــــد في نهاية الأمر أن يكون هذا الكون قابلاً للتفسير.
ومنذ أن بيّن غاليلو إن الكون يخضع لقوانين الفيزياء الرياضياتية التي يمكن أن تكشف عن وجود حقائق موضوعية يمكن فهمها من خلال العلم ، كانت جميع البحوث العلمية تجري خلال هذه الفترة القصيرة على أساس الإيمان بالنظرية الكونية التي وضعها نيوتن ، وأصبح هدف الفلسفة قياس وملاحظة الطبيعة . وقررت جامعة كمبرديج أن تضع تمثالاً نصفياً لإسحق نيوتن وتكتب على قاعدته
" كانت الطبيعة وقانونها في الظلماء
فقال الله ليكن نيوتن ، وشاع الضياء "
كان الإنسان قد لاحظ منذ قرون طويلة إن "حجر الكهرمان " إذا تمّ فركه يتحول الى ححر جاذب ، كان من الصعب فهم سبب هذه القوة. بدا الأمر مختلفاً عن القوة الثابتة لنوع مختلف من الحجر اسمه - حجر المغناطيس – الذي يجذب الأشياء التي تحتوي على الحديد. وكما أن النجم القطبي هو النجم الذي ينير الطريق ، فإن حجر المغناطيس كان أيضاً يوجه المسافرين: فقد كانت هناك قطعة من معدن خاص ، إذا تمّ تعليقها بحيث يمكنها التأرجح بحرية ، فإنها تشير دائماً إلى الأقطاب المغناطيسية. ويمكن أيضا أن يستخدم حجر المغناطيس كإبرة مغناطيسية ، وبحلول عصر كوبرنيكوس عام 1500 ، كان البحارة يستخدمون البوصلات البسيطة لتساعدهم في إيجاد اتجاههم ، حيث إن إحدى إبر البوصلة القابلة للحركة تشير دائماً إلى الشمال. كتب ديكارت عن هذا في عام 1640 ، حيث بدأ الفلاسفة يستخدمون كلمة "المغناطيسية" ، وظلت هذه الظواهر خاضعة لأبحاث محدودة جداً حتى جاء عام 1665 ، وبعد وفاة ديكارت بخمسة عشر عاما استطاع " اوتو فون جريك " وكان يعمل عمدة لمدينة " ماغديبورغ " الألمانية " أن يصنع كرة من مادة الكبريت تنبعث منها شرارات عند حكها ، وفي عام 1675 لاحظ عالم الفلك الفرنسي " جين بيكارد " إن الترمومتر الزئبقي يلمع كلما اهتز الزئبق الموجود داخل الزجاج ، بعد فترة وجيزة ، حصل الناس على تأثيرات أقوى من خلال تدوير كرة أرضية زجاجية على نقطة وفركها عند دورانها. يمكنك أنْ تشعر أو حتى تسمع الشرر يتطاير على الزجاج. أصبح هذا الجهاز الأساس لما كان يسمى بوعاء ليدن نسبة ، إلى مدينة ليدن في هولندا حيث تمّ اختراعه ، في حوالي عام 1745 ، من قبل أستاذ في الجامعة. كان يملأ الوعاء بالماء إلى النصف ويتم توصيله بآلة لتوليد الكهرباء بواسطة سلك. كانت القطعة الموصلة تسمى "الموصل" لأنها تسمح للقوة الغامضة بالمرور إلى الماء الموجود في الوعاء ، حيث يتم تخزينها، عندما لمس مساعد المختبر جانب الوعاء والقطعة الموصلة ، تعرض الى هزة اعتقد إنها اخترقت جميع أجزاء جسمه. تسبب الإعلان عن هذه التجربة في حدوث ضجة كبيرة وذاع صيت وعاء ليدن. و قام عشرة رهبان بربط أيديهم سوية ، وعندما لمس أولهم الوعاء والقطعة الموصلة ، فقد اهتزوا جميعاً في وقت واحد. وعلى ما يبدو ،فإن الصدمة الكهربائية يمكن أنْ تنتقل من شخص إلى آخر.
ما الذي كان يحدث بالضبط؟ بعيداً عن الألعاب ، كانت هناك قضايا علمية خطيرة على المحك. شاعت الكثير من النظريات حول هذا الموضوع، ولكن كان هناك رجل واحد قدم بعض التفسير لهذا الموضوع هو بنجامين فرانكلين الذي نعرفه من كتب التاريخ الاميركي بإنه من أوائل المواطنين الأميركان الذين ساهموا في كتابة وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي (1776) ، عندما نجحت الولايات المتحدة بتحقيق استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية. كان رجلاً ذكياً وجريئا ، وقد اعتراه الشك في بداية حياته حيث نراه يقول :" كنت ما ازال في الخامسة عشر من عمري ، حين انتابني الشك فيما أثير من الجدل حول عدد من النقاط في الكتب المختلفة التي قرأتها ، فبدأت أشك في الوحي ذاته " .
*****
وثمة الكثير مما يقال عن القاعدة العريضة لعقيدة التقدم على الأرض . هذا التقدم الذي حققه انتشار المنطق والعقل . فالعقل هو الذي سيهدي الناس الى فهم أسرار الطبيعة "
دايفيد هيوم
توقف عن إكمال دراسته مبكراً ، فالأسرة لم تستطع تحمّل تكاليف تعليمه رغم ما أبداه من ذكاء واضح ، ولهذا كان لابد أن يلتحق في العمل مع والده صانع الشموع ، يكتب بنجامين فرانكلين في سيرته الذاتية :" لقد كرهت هذه الحرفة وكان لدي ميل قوي للبحر ، وقد تعلمت مبكراً السباحة جيداً " ، كان الأب يساوره القلق على ابنه الذي يقضي أوقاتاً طويلة ليعلم الآخرين السباحة ، فقد أدرك الآب أن ابنه الساخط هذا قد يختار الهرب للبحر مثل شقيقه الذي مات في حادث غرق ، إلا أن الصبي فرانكلين كان يستمتع بالنظر الى أصحاب الحرف والمهن :" كان من المفيد بالنسبة لي ، وقد تعلمت الكثير من ذلك ،أن أتمكن من القيام بمهام صغيرة بنفسي في البيت وكنت أجري تجارب صغيرة الهدف منها هو إنعاش عقلي وتسخينه " .
ومنذ سن مبكرة كان فرانكلين يقرأ بنهم وشغف :" كل النقود التي وقعت في يدي ضاعت على الكتب " وقد استهوته في صباه كتب الفلسفة الإغريقية حيث سحره أرسطو الذي رأى فيه " سيد العارفين " ، كان أرسطو مهتماً بالأسباب التي تقف وراء ظواهر الطبيعة ، ولهذا كان فرانكلين وهو يقرأ كتب أرسطو قد لاحظ إن الفيلسوف الإغريقي طوّر خطة لمحاولة شرح الأسباب من خلال تقسيمها إلى أربعة أنواع. وقد سميت هذه القضايا بالأسباب المادية والشكلية والفعالة والنهائية ، وكان يعتقد إن الأنشطة البشرية ، وكذلك ما يحدث في العالم ، يمكن تفكيكها وفهمها بهذه الطريقة. ووجد فرانكلين الشاب يدرك إن العلم يبحث دائماً عن الأسباب. يريد العلماء معرفة ما يحدث ولماذا. ، والإجابة على مثل هذه الاسئلة تكون أحياناً بسيطة جداً.و في بعض الأحيان تكون معقدة للغاية. في الغالب ، يتعامل العلماء مع ما يسميه أرسطو الأسباب الكامنة وراء الظواهر .. فنجد فرانكلين وهو في عمر السابعة والأربعين من عمره سنة 1753 يطير طائرة ورقية أثناء عاصفة رعدية ليثبت بالشحنات التي يستقبلها أن الكهرباء ظاهرة تماثل ظاهرة البرق تماماً . وتصوّر فرانكلين إن الكهرباء هي عبارة عن سيال يتخذ أشكالاً موجبة وسالبة . وإن كل الأجسام في هذا الكون تحتوي هذا السيال ، فإذا تمّ شحنها بشحنات أكثر من احتمالها ، يصبح الجسم الملتقي موجباً ، واذا تمّ تفريغها من تلك الشحنات يصبح الجسم سالباً .
كان فرانكلين في الأربعين من عمره حين استهوته علوم الفيزياء ، لكنه في شبابه كان يقول لزملائه انه يحدق بثبات صوب العالم الواقع تحت قدميه ، وكان أصحابه يسمونه " السيد إصلاح " لأنه كان يحاول دائما تحسين الآلات والأدوات التي تقع بين يديه أو يعمل على تحقيق الصالح العام . وكان مستقلاً بصورة حادة كمفكر ، لديه كراهية عميقة للتسلط ، محتقراً من يتنزعون مناصب لايستحقونها :" كان لدي نفور من السلطة الاستبدادية لازمني طوال حياتي .
كان فرانكلين يتساءل دوماً : هل تحب الحياة ؟ أذن لاتضيع الوقت ، فذلك الوقت هو ما صنعت منه الحياة .وبسبب حبه للحياة والعلم هرب من منزل والده وهو في السابعة عشرة من عمره ، حيث استقر في ولاية فلادلفيا ، كان في حالة شديدة من البؤس :" كنت قذراً من جراء رحلتي ، وكانت جيوبي مملؤة قمصاناً وجوارب ، لم أكن أعرف أحداً، وليس هناك مكان اتجه إليه للسكن ، كنت في غاية الجوع ، وكان كل رصيدي من المال دولار هولندي ونحو شلن من النحاس " ، ولايزال يتذكر منظره البائس وهو يضع ثلاث أرغفة من الخبز تحت أبطه ، وفيما يمثل لحظة لاتنسى في حياته ، أعطى فرانكلين رغيفين من الأرغفة الثلاثة لامرأة جائعة وطفلها ، وكان هذا السخاء سمة مميزة للرجل الذي سيصبح فيما بعد أحد الذين وضعوا وثيقة الاستقلال الاميركي .
كتب فرانكلين ذات مرّة : " أتخيل المشروع الجريء والشاق للوصول إلى الكمال الأخلاقي.. وأتمنى أن أعيش بدون ارتكاب أي خطأ في أي وقت، لكي أتغلب على كل ما قد يدفعني، أو يعيقني عن إتمام هذا المشروع بشكل تام" .
في فلادلفيا أجتهد فرانكلين للحصول على عمل في مطبعة ، ووجد وظيفة مع صمويل كيمر وكان من مشاهير أصحاب المطابع ، وسرعان ما أعجب بشخصية فرانكلين ، في فلادلفيا يبدأ في إقامة علاقات مع شباب المدينة ، وكانوا من هواة القراءة :" كنت أمضي معهم الأمسيات وأنا في غاية السرور ، وكنت اكسب النقود من جديتي في العمل ، وعشت بشكل لائق ومعقول ، في تلك الأيام يكتب في دفتر يوميات :" إن الأمر المناسب هو أن تكون مخلوقاً قادراً على التبرير وإعمال العقل ، حيث إن ذلك يُمكن المرء من أن يجد أو يخلق مبرراً عقلياً لكل شيء يرد لخاطره أن يفعله " . كان ذلك هو عصر العقل .. بعد سنوات سيسعى الى تأسيس أول مكتبة متنقلة في أميركا تبيع الكتب من خلال الاشتراكات :" كانت هذه أم المكتبات ، كانت مكتبة علمانية ، ومختلفة جدا عن معظم المكتبات التي كانت مكرسة بشكل كبير لكتب المواعظ والقصص الديني " .بعدها سيؤسس صحيفة يسميها " بنسلفانيا جازيت "، وفيها سينشر مواد علمية عن شروق الشمس ومراحل القمر وتنبؤ بحالة الطقس وموضوعات في الصناعة ، وفي السياسة .
كان فرانكلين في هذه الأثناء قد بلغ الثانية والأربعين من عمره ومتزوج ، جمع قدراً لابأس به من المال مكّنه من اعتزال العمل والتفرغ لعشقه الأول : العلوم .. ويتذكر إنه وفي سن الحادية والعشرين أسس جماعة تناقش في أمور العلم والفلسفة والاقتصاد ، تحوّلت فيما بعد الى الجمعية الاميركية للفلسفة ، ضمّت العديد من العقول البارزة أبرزها جون لآدمز ، وتوماس جيفرسون ، وجيميس مادسون ، وتوماس بين ، وجميعهم تأثروا بالعلوم الجديدة ، والفلسفات العقلية ، التي تمخضت عنها حركة التنوير الأوروبية ، وقد تمكن هؤلاء من وضع أسس الاستقلال الاميركي ..وقد اتخذ فرانكلين موقفاً معارضاً للنصوص التي وردت في دستور بنسلفانيا الصادر عام 1776 والخاصة بالدين والتي أشارت بصفة عامة الى الحرية الدينية ، والتسامح الديني ، اشترطت مواصفات خاصة للعاملين ، أثارت غضبه ، وكان أحد العاملين قد أرغم على الاعتراف بوجود الله وأن يقر بما يلي قبل الحصول على الوظيفة :" إنني أؤمن بالله الواحد ، خالق الكون ، وحاكمه ، وواهب الخير ، والإنتقام من المسيء ، واعترف بان الكتب المقدسة : الانجيل ، التوراة ، نزلت وحياً من عند الله " ، ولهذا أعلن رفضه مثل هذا القسم ، فالإنسان في نظره يستطيع من خلال عقله وليس النصوص الدينية أن يتجه الى الخير والحقيقة ، وأن يحيا حياة سعيدة وبأقل قدر ممكن من الحاجة الى تدخل السماء ، وفي خطاب يوجهه للجنة الدستور يقول فيها :": إنني أعني الأعمال الطيبة الحقة ، والتي تصدر عن مشاعر الشفقة ، والرحمة وحب الخير ، وروح التكافل العام ، وليس مجرد المحافظة على إجازات أيام الاحد ، أو قراءة المواعظ أو سماعها ، أو إقامة القداس في الكنيسة ، والصلوات الطويلة ، المليئة بالزلفى ، والمديح ، والتي يقوم بها رجال أقل حضارة بأن يرضى الله عنهم " .
******
أظهر فرانكلين في كتاباته أسس التسامح ، وأدرك إن تقسيم الدين بين عدد من القطاعات ، يعتبر أمراً سيئاً ، لأن مثل هذه الحال ستنتهي بالناس الى انقسامهم في طوائف يقف بعضها ضد البعض ، وتعوقهم هذه الصراعات عن مواجهة التحديات الحقيقية للبشرية ، وقد كان يقول " إن الخطايا ليست ضارة لمجرد إنها ممنوعة ، وإنما هي ممنوعة لأنها ضارة " .وضع فرانكلين نظرية في الكهرباء غاية في البساطة وهي لاتزال قائمة الى اليوم قال :" إن جميع الاجسام تتكون من مادة مشتركة ، ومادة كهربية أو سيال كهربائي ، وتشمل كل مادة وهي في حالتها العادية ، على كمية معينة من السيال الكهربائي " ولقد بيّن فرانكلين إن الجسم قد يكتسب أو يفقد بعضاً من السيال الكهربائي ، فاذا فقد الجسم أو اكتسب شيئاً من هذا السيال الكهربائي إذن فإنه يتكهرب ، فإذا اكتسب شيئاً من السيال الكهربائي فهو قد شُحِن إذن إيجابياً ، أما إذا فقد شيئاً من السيال الكهربائي فيكون قد شُحِن إذن سلبياً .. أدت تجارب فرانكلين الى اخترع مانع الصواعق وعداد المسافة كما أنه هو أول من ابتكر كلمة كهرباء يلفظها الأنكليزي " Electricity " .أصدر كتابه الشهير " تجارب في الكهرباء " الذي ساهم في تطور العلوم وترجم الى معظم لغات العالم ، ونال ثناء فلاسفة التنوير الذين قارنوه بكتاب نيوتن " المبادئ " .
ظلت دراسة الكهرباء واحدة من أكثر مجالات البحث العلمي إثارة في مناقشات فلاسفة القرن الثامن عشر ، وساهم العديد من العلماء ، في تزويدنا بما ننعم به اليوم من طاقة كهربائية . ورغم ان فرانكلين كان من اوائل هؤلاء الا ان هناكك علماء ساهما معه في هذا المجال ابرزهم البولوني لويجي غالفاني المولود عام 1737 والمتوفي عام 1798 ، عمل في بداية حياته طبيبا ، مارس الطب وقام بتدريس مادتي التشريح والتوليد في جامعة بولونيا لكنه عشق تصليح الأجهزة الكهربائية وبدراسة فسيلوجيا الحيوانات. وقد مكنه بحثه في دراسة العلاقة بين العضلات والأعصاب ، من ان يكتشف أن عضلة الضفدعة يمكن أنْ تنكمش إذا ارتبط العصب المرتبط بها بمصدر للكهرباء.و بعد إجراء المزيد من الأبحاث ، قام ، بربط العضلة بوعاء ليدن
وأصبح قادراً على توليد وتفريغ تيار كهربائي. وقال غالفاني إن الكهرباء جزء مهم من الحيوانات. وبالفعل ، بدا أن "الكهرباء الحيوانية" ، كما وصفها ، هي عنصر أساس في كيفية عمل الحيوانات.. إلا ان افكاره
عن الكهرباء الحيوانية تعرضت إلى موجة من النقد ، وخاصة من الايطالي أليساندرو فولتا المولود عام 1757 ، فقد كان لدى فولتا كره للاطباء حيث عاب عليهم دس انوفهم في علوم الفيزياء ، ولهذا قرر أنْ يثبت أن الكهرباء الحيوانية غير موجودة. دخل فولتا وغالفاني في جدالات علنية حادة للغاية حول تفسير تجارب غالفاني. وقد تمكن فولتا من اكتشاف امر مثير حيث قام ببناء طبقات متتالية من مادة الزنك والفضة ، وفصلها بطبقات رطبة من الورق المقوى ، واعلن انه يمكن إنتاج تيار كهربائي مستمر عبر جميع الطبقات. أرسل فولتا أخبار اختراعه ، والذي أطلق عليه اسم " الفولتية" ، ، إلى الجمعية الملكية في لندن وقد أدى هذا الاختراع ، إلى حدوث ضجة كبيرة في إنكلترا وفرنسا. وقد قام بتكريم
فولتا من أجل اختراعه هذا ، لأنه قدم مصدراً موثوقاً للتيارات الكهربائية في البحوث التجريبية. وكان يمثل التطوير العملي للبطارية التي اخترعها بنجامين فرانكلين ، والتي أصبحت حاجة ضرورية في حياة الانسان .
أما العالم الثالث فهو أندريه ماري أمبير وقد ارتبط اسمه بوحدة قياس الكهرباء: ولد أمبير عام في فرنسا ، عام 1775 ، قطعت الثورة الفرنسية رأس والده. وعاش حياة بائسة ومحزنة ، ماتت زوجته الأولى المحبوبة بعد ولادة طفله الثالث ، و زواجه الثاني انتهى بالطلاق. كان يعاني باستمرار من مخاوف مالية. في وسط هذه الفوضى ، استطاع أمبير أنْ يكتشف بعض الأشياء الأساسية المتعلقة بالرياضيات والكيمياء ، واهمها ، ما أسماه بـ"الديناميكا الكهربائية". هذا الموضوع المعقد والذي يجمع بين الكهرباء والمغناطيسية أظهرت تجارب أمبير البسيطة والمتقنة وعلى الرغم من تعقيدها ، أن المغناطيسية هي في الواقع كهرباء تتحرك. كما انه حدد نقطة البداية لكثير من الأبحاث في الكهرومغناطيسية.
بعد وفاة أندريه ماري أمبير 1836 ، قطعت الكهرباء شوطاً طويلاً نحو في مسيرتها . كان ما قام به فرانكلين هو من الأعمال التي كان يسميها أعمال الهواة ، لكنه انتبه منذ وقت مبكر الى ان الكهرباء جزء من حركة التنوير التي يجب ان تسود العالم وانها ستلعب دورا مهما في تقدم الشعوب.
ما هو رد فعلك؟






