حكومتان في بلدٍ واحد.. السودان على حافة الانقسام وسط سباق "شرعية ما قبل وقف الحرب"

من بورتسودان شرقي البلاد إلى نيالا غربًا، يتسارع السباق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتشكيل حكومتين متنافستين

 0
حكومتان في بلدٍ واحد.. السودان على حافة الانقسام وسط سباق "شرعية ما قبل وقف الحرب"

عين للأنباء – الخرطوم

من بورتسودان شرقي البلاد إلى نيالا غربًا، يتسارع السباق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتشكيل حكومتين متنافستين، في ظل استمرار الحرب وتضاؤل الآمال بحل سياسي وشيك. ومع تصاعد هذه التحركات، تتزايد المخاوف من انزلاق السودان نحو الانقسام الرسمي إلى دولتين.


الجيش يعيّن كامل إدريس رئيسًا للحكومة في بورتسودان

في مايو/أيار الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء، ليكون أول رئيس حكومة بعد استقالة عبد الله حمدوك مطلع عام 2022.

وشرع إدريس في تشكيل حكومته فعليًا، بإعلان أسماء خمسة وزراء حتى الآن، رغم الانتقادات الواسعة، لا سيما من تحالف "صمود" الذي اعتبر الخطوة "محاولة لفرض شرعية غير دستورية في ظروف حرب معقدة"، بحسب الأمين العام للتحالف، الصديق المهدي.

ويواجه إدريس تحديات كبيرة في إكمال التشكيلة الوزارية، في ظل الخلافات مع قوى "اتفاق جوبا" مثل حركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.


في المقابل: الدعم السريع يُفعّل "تحالف تأسيس" ويستعد لحكومة موازية

في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وفصائل متحالفة معها، إطلاق تحالف "تأسيس" في مدينة نيالا، وهو كيان سياسي يسعى لتشكيل حكومة موازية للسلطة في بورتسودان.

ويضم التحالف قوى سياسية وعسكرية بارزة، منها:

  • الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو

  • فصائل من دارفور

  • حزب الأمة القومي

  • ممثلون عن الحزب الاتحادي الديمقراطي

وقد تم إقرار وثائق تأسيسية، شملت ميثاقًا سياسيًا ودستورًا انتقاليًا ينص على علمانية الدولة، وتم إعلان "هيئة قيادية" برئاسة حميدتي، ونائبه الحلو، استعدادًا لإطلاق ما وصف بـ"حكومة السلام".


الانقسام يهدد وحدة السودان

يرى مراقبون أن هذه التطورات المتسارعة تُنذر بـ"واقع انفصالي فعلي"، حيث يسعى كل طرف لتثبيت شرعية سياسية توازي شرعيته العسكرية، وسط انهيار مؤسسات الدولة وتشتت القرار الوطني.

العميد وليد عزالدين، عضو القيادة المركزية العليا لتحالف الضباط المتقاعدين "تضامن"، حذّر من أن تشكيل حكومتين متوازيتين سيؤدي إلى "تعقيد الوضع ميدانيًا ورفع سقف مطالب الانفصال، خاصة من جانب قوات الدعم السريع التي تسيطر فعليًا على مساحات واسعة غرب البلاد".

وأشار عزالدين إلى أن السيطرة على مدينة الفاشر ومناطق استراتيجية في كردفان، و"المثلث الحدودي" مع مصر وليبيا، قد تمهّد لمطالب سياسية قد تشمل تقرير المصير، حال تعثر الحلول التفاوضية.


خيار التفاوض لا يزال قائمًا

رغم التحركات الميدانية والسياسية، لا تزال الأوساط الدولية تدفع باتجاه التفاوض كطريق وحيد لإنهاء الحرب، وتشكيل حكومة مدنية انتقالية تمثّل جميع مكوّنات السودان.

تحالف "صمود" بدوره دعا إلى وقف تشكيل الحكومات المؤقتة والموازية، والتركيز على وقف إطلاق النار، ومن ثم الذهاب إلى "عملية سياسية شاملة" يتفق عليها السودانيون بعيدًا عن السلاح والتدخلات الأجنبية.


ختامًا

بين تعيينات بورتسودان وتحركات نيالا، يبقى السودان اليوم أمام مفترق طرق تاريخي: إما وحدة سياسية تُبنى عبر تفاوض صعب، أو انقسام واقعي يُرسّخ على وقع فوهات البنادق.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0