"إسرائيل الكبرى" مشروع يبتلع فلسطين وجوارها

الإعلان عن مشروع توسعي

 0
"إسرائيل الكبرى" مشروع يبتلع فلسطين وجوارها

محمد النصراوي

في الشرق، الخرائط لا تُرسم بالحبر وحده، بل بالدم أيضاً. هنا حيث حدود الدول ليست خطوطاً مستقيمةً على الورق، بل حكايات غزوٍ وحروب، ومعاهدات تُكتب في النهار وتُخرق في الليل. وبينما الشعوب تُحاصر بالأزمات، يطل بنيامين نتنياهو ليبعثر الجغرافيا بكلمات، ويحول أوهام التوسع إلى بيان سياسي، معلناً أنه يرى نفسه حاملاً لراية "إسرائيل الكبرى"، وكأن التاريخ لم يعلمنا أن كل إمبراطورية تبدأ بحلم، ثم تموت على وقع الحقيقة.

بينما ينهار ميزان العدالة الدولية أمام سطوة القوة، خرج نتنياهو ليعلن ما لم يجرؤ كثيرون من قبله على قوله صراحة: ارتباطه العميق برؤية "إسرائيل الكبرى"، رؤية تتجاوز فلسطين إلى خرائط دول عربية، وكأن القرن الحادي والعشرين مجرد مسرح لإعادة تمثيل أطماع استعمارية بلباس ديني–سياسي.

هذا ليس تصريحاً عابراً، بل إعلان برنامج توسعي كامل، يُترجم أوهام اليمين الإسرائيلي إلى سياسة رسمية، ويحول الميثاق الأممي إلى ورقة مهملة على رف التاريخ. نتنياهو يتحدث عن "مهمة روحية وتاريخية"، بينما العالم يرى في **غزة دماً يسيل، وفي الضفة الغربية حصاراً يخنق، وعلى الحدود الشمالية باروداً ينتظر شرارة".

الغضب العربي والأسئلة المفتوحة

الغضب العربي جاء في بيانات متلاحقة من العواصم، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل تكفي الإدانات الورقية لإيقاف مشروع يقوم على تغيير الجغرافيا بالقوة؟ كم من المرات رسم الاحتلال حدوداً جديدة ثم فرضها كأمر واقع، بينما العالم يكتفي بعبارات القلق والأسف؟

جذور المشروع وأهدافه

"إسرائيل الكبرى" ليست مصطلحاً وليد اللحظة، بل حلم قديم في أدبيات الحركة الصهيونية، يختلط فيه النص الديني بالتوسع العسكري. اليوم، وفي ظل الانقسامات العربية والحروب الداخلية، يرى نتنياهو أن الفرصة مواتية لتحويل هذا الحلم إلى خرائط حقيقية، حتى لو كان الثمن إشعال حروب جديدة وإسقاط وهم السلام.

التهديد للمنطقة بأسرها

خطورة المشروع أنه لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل يختبر سيادة كل دولة عربية تقع داخل حدود الخيال التوسعي: الأردن، لبنان، سوريا، وحتى مصر ليست بعيدة عن الخريطة التي تُرسم في ذهن نتنياهو وحلفائه. والسؤال هنا: هل نحن أمام استفزاز إعلامي، أم مقدمة لفرض وقائع جغرافية جديدة على أنقاض القانون الدولي؟

جرس إنذار دولي

إذا كان العالم اليوم ترك غزة تحت النار منذ أشهر، ويعجز عن وقف الاستيطان الذي يلتهم الضفة، فكيف يمكن الوثوق بأنه سيمنع مشروعاً أكبر وأخطر؟ ربما هذا هو الرهان الحقيقي لنتنياهو؛ أن الذاكرة الدولية قصيرة، وأن الصمت العربي طويل.

إن تصريحات "إسرائيل الكبرى" ليست مجرد كلام، بل جرس إنذار، إما أن يتحول إلى لحظة يقظة عربية ودولية، أو يظل يرن حتى يأتي يوم نكتشف فيه أن الخرائط قد تغيرت، بينما كنا مشغولين بالتصريحات.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0