مكة المكرمة وما يجاورها من مشاعر مقدسة تحتضن أعظم مناسك الحج، حيث يؤدي ملايين الحجاج مناسكهم في أيام معدودات، يتنقلون خلالها بين عرفات ومزدلفة ومنى، مستحضرين سيرة النبي ﷺ وتعاليم الإسلام.

وفيما يلي نظرة شاملة على أبرز هذه المشاعر ودورها في شعائر الحج:

عرفات.. الركن الأعظم من الحج

تقع عرفات شرق مكة المكرمة على بُعد نحو 20 كيلومترًا، خارج حدود الحرم، وتبلغ مساحتها 10.4 كلم². يعد الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة الركن الأعظم من أركان الحج، فلا يصحّ بدونه، لقول النبي ﷺ: "الحج عرفة".

يصلي الحجاج الظهر والعصر جمع تقديم في مسجد نمرة، ثم يقفون للدعاء والاستغفار حتى غروب الشمس، قبل أن ينفروا إلى مزدلفة. ومن أشهر معالمها جبل عرفة أو "جبل الرحمة"، الذي شهد خطبة الوداع الشهيرة.

مزدلفة.. المشعر الحرام ومبيت الحجاج

مزدلفة تقع بين عرفات ومنى، وتبعد 12 كلم عن المسجد الحرام، وتسمى أيضًا "جمعًا" لاجتماع الحجيج بها. بعد مغيب شمس يوم عرفة، يتوجه الحجاج إليها لأداء صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، والمبيت فيها حتى الفجر.

ويأخذ الحاج من مزدلفة حصى رمي الجمرات، ويوجد فيها مسجد المشعر الحرام الذي كان النبي ﷺ ينزل عند قبلته. وقد شهدت توسعات كبيرة في الخدمات والبنى التحتية لتيسير مبيت الحجاج فيها.

منى.. وادي الحجاج وموقع الجمرات

منى، الواقعة بين مكة وعرفات، تبعد نحو 5 كيلومترات عن المسجد الحرام، وتشهد توافد الحجاج أيام التروية (8 ذي الحجة)، ثم يعودون إليها يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة.

يؤدي الحجاج فيها رمي الجمرات الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى (جمرة العقبة)، كما يبيتون في خيام حديثة وآمنة شُيدت لتوفير بيئة آمنة ومريحة. وتُعدّ منطقة الجمرات من أكثر المواقع تنظيمًا بعد تطوير الجسور والأنفاق المحيطة بها.

الجمرات.. شعيرة الرمي ومعلم رمزي

الجمرات الثلاث تقع على خط مستقيم في مشعر منى، وتمثل موضع رمي الحصى في أيام العيد والتشريق. ويُعد رمي الجمرات اقتداءً بسنة النبي ﷺ، وتخليدًا لرمزية معركة الخير ضد الشيطان.

وقد شهدت مواقع الجمرات توسعات وتحديثات شاملة لتأمين سلامة الحجاج وتقليل حوادث التزاحم.

هكذا يقف الحاج في أعظم رحلة إيمانية على دروب الطاعة والخضوع لله، متنقّلًا بين المشاعر التي شهدت سيرة الأنبياء، وارتبطت بأعظم العبادات في الإسلام.