صفقة صواريخ بـ304 ملايين دولار.. هل تعيد واشنطن وأنقرة رسم خريطة التحالف الدفاعي؟
وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على صفقة بيع صواريخ متطورة إلى تركيا بقيمة 304 ملايين دولار

في خطوة قد تُعيد ترميم العلاقات المتوترة بين واشنطن وأنقرة، وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على صفقة بيع صواريخ متطورة إلى تركيا بقيمة 304 ملايين دولار، في إطار جهود الناتو لتعزيز التنسيق العسكري بين الحلفاء.
تفاصيل الصفقة.. 113 صاروخاً بتقنيات متقدمة
أعلنت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية أن الصفقة تشمل تزويد تركيا بـ53 صاروخاً جو-جو متوسط المدى (AMRAAM) بقيمة 225 مليون دولار، و60 صاروخاً من طراز Block II بقيمة 79.1 مليون دولار. وستتولى شركة RTX Corporation تنفيذ الصفقة كمقاول رئيسي.
ورغم موافقة البيت الأبيض، لا تزال الصفقة في انتظار مصادقة الكونغرس الأميركي، وسط ترقّب داخلي وخارجي لتداعياتها السياسية والعسكرية.
زيارة ديبلوماسية وتوقيت حرج
تأتي الصفقة بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى تركيا لحضور اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الناتو في أنطاليا، والذي يتقاطع زمنيًا مع جولة محادثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول.
الرسالة الأميركية واضحة: دعم الناتو لتركيا باقٍ رغم الخلافات، مع إدراك أهمية أنقرة الاستراتيجية عند مفترق الصراع شرق المتوسط والبحر الأسود.
الـ F-35 مجددًا إلى الواجهة.. والعُقدة روسية
رغم الصفقة الجديدة، تبقى طموحات تركيا لضم مقاتلات F-35 الأميركية إلى ترسانتها معلقة، بفعل الفيتو الأميركي بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400.
الخلاف حول الـ S-400 أدى إلى فرض واشنطن عقوبات على أنقرة وفق "قانون مكافحة أعداء أميركا"، وأقصى تركيا من برنامج تطوير المقاتلة الشبح.
لكن أنقرة لم تتراجع عن منظومتها الروسية، بل تُراهن على حوار مباشر مع ترمب لتعديل الموقف القانوني، تمهيدًا لإعادة إدراجها في صفقة المقاتلات.
دفاع مشترك أم تقاطع مصالح؟
مع كل صفقة تسليح، يظهر التساؤل الكبير: هل تتقارب تركيا وواشنطن من جديد كشريكين استراتيجيين؟ أم أن العلاقات تسير في اتجاه "تنسيق اضطراري" تغلب عليه البراغماتية دون حلول جوهرية للخلافات العالقة؟
تركيا تُحافظ على موقفها من دعم واشنطن لوحدات "قوات سوريا الديمقراطية"، والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا.
وفي المقابل، تتفاوض تركيا والولايات المتحدة حول دمج القوات الكردية المدعومة أميركيًا في هيكل الجيش السوري، في خطوة معقدة تشكل اختبارًا لنوايا الطرفين.
فرص اقتصادية وعسكرية تتقاطع
بعيدًا عن السلاح، تنظر تركيا أيضًا إلى توسيع التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، من خلال زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال الأميركي، واستكمال طلبات شراء طائرات بوينغ.
وفي سياق متصل، تبحث أنقرة عن دور إقليمي أكبر، حيث تستعد للمساهمة في مراقبة وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا في البحر الأسود، بالتوازي مع خطط أميركية لتقليص وجودها العسكري في سوريا إلى أقل من ألف جندي، وهو ما يمنح تركيا هامشاً أوسع للمناورة في الجوار السوري.
لحظة محورية في مستقبل العلاقات التركية – الأميركية
تصادف هذه التحركات إعلان حزب العمال الكردستاني عن نيته إلقاء السلاح، في خطوة قد تُنهي نزاعًا مسلحًا استمر أكثر من 40 عامًا. هذه المبادرة، إن ثبتت جديتها، قد تُمهّد لتسوية إقليمية شاملة وتعزّز الدور التركي كوسيط مؤثر في المنطقة.
وفيما يُرتقب لقاء رئاسي بين رجب طيب أردوغان ودونالد ترمب، تراهن أنقرة على إنهاء مرحلة التوتر، والعودة إلى محور الشراكة الدفاعية مع واشنطن من بوابة التعاون في الناتو، وتوازن النفوذ مع روسيا.
خلاصة: صفقة صواريخ.. ومفتاح تحالف معلق على باب السياسة
الصفقة الأميركية – التركية ليست مجرد بيع أسلحة، بل اختبار جاد لنية البلدين في إعادة بناء الثقة، بعد أعوام من التوترات الحادة. وإذا نجحت، فقد تمهّد لعصر جديد من التحالفات البراغماتية، تُعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي في شرق المتوسط والشرق الأوسط.
ما هو رد فعلك؟






