أوروبا تتحرك لتأمين أعماق البحار: توسع استراتيجي في الصناعات الدفاعية تحت الماء

مع التراجع الأميركي عن التزاماتها العسكرية في أوروبا، تتجه الأنظار نحو تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية تحت الماء

 0
أوروبا تتحرك لتأمين أعماق البحار: توسع استراتيجي في الصناعات الدفاعية تحت الماء

مع التراجع الأميركي عن التزاماتها العسكرية في أوروبا، تتجه الأنظار نحو تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية تحت الماء، في وقت تتصاعد فيه التهديدات الجيوسياسية والاعتداءات على البنية التحتية البحرية.

فينكانتييري تقود التحول الدفاعي الأوروبي تحت الماء

دعا الرئيس التنفيذي لمجموعة "فينكانتييري" الإيطالية، بييروبيرتو فولجيرو، إلى تعزيز الاستثمار الأوروبي في الدفاع البحري، محذرًا من ترك فراغ استراتيجي مع انسحاب الولايات المتحدة من قيادة المشهد الدفاعي الأوروبي.

وقال فولجيرو في مقابلة مع فاينانشيال تايمز:

"لطالما كان البحر الأبيض المتوسط ممتلئًا بالغواصات الروسية والأميركية... والآن، تقع المسؤولية على عاتق أوروبا للدفاع عن نفسها تحت الماء."

نمو غير مسبوق في الاقتصاد الدفاعي البحري

تتوقع "فينكانتييري"، أكبر مجموعة لبناء السفن في أوروبا، أن يحقق قسمها المتخصص في الغواصات والمركبات ذاتية القيادة البحرية، إيرادات تصل إلى 820 مليون يورو بحلول 2027، أي ما يعادل 8% من إجمالي إيرادات المجموعة الحالية.

ويرى فولجيرو أن ما يسمى بـ"الاقتصاد العالمي تحت الماء" سينمو بما قيمته 50 مليار يورو سنويًا، مدفوعًا باستثمارات ضخمة في الأمن البحري والدفاع.

هجمات "نورد ستريم" تعيد رسم أولويات الأمن الأوروبي

أعاد الهجوم على خط أنابيب "نورد ستريم" في 2022 تسليط الضوء على هشاشة البنية التحتية البحرية، ما دفع العديد من الحكومات الأوروبية لتوسيع استثماراتها في تقنيات مثل المسيرات البحرية، والأنظمة المضادة للغواصات، والحماية الإلكترونية للكابلات البحرية.

فولجيرو علّق قائلاً:

"التهديدات على الكابلات البحرية والبنية التحتية الحيوية ستزداد، وسيرتفع الطلب على تقنيات الحماية والردع بشكل كبير."

البحر المتوسط.. ساحة الصراع المقبلة؟

رغم التركيز الغربي على بحر البلطيق بعد حرب أوكرانيا، أشار فولجيرو إلى أن البحر الأبيض المتوسط يمثل نقطة محورية جيوسياسيًا، كونه يربط أوروبا بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ويشهد نشاطًا متزايدًا للغواصات الروسية.

وأضاف:

"البحر المتوسط ضعف مساحة البلطيق، ويجب أن نرفع قدراتنا الدفاعية فيه بشكل متسارع."

قفزة في أسهم "فينكانتييري".. وتحالفات استراتيجية

سجل سهم الشركة الإيطالية قفزة بنسبة 20% الأسبوع الماضي، بعد إعلانها توسيع قسم الدفاع تحت الماء. كما أعلنت شراكة جديدة مع شركة Graal Tech لتطوير مسيرات بحرية ذاتية القيادة.

ويرى محللون أن هذا التوجه يمثل محركًا أساسيًا لنمو أسهم الشركة، حيث قال أنطونيو جيانفرانشيسكو، من بنك Intermonte الاستثماري:

"الاستثمار تحت الماء سيكون محفزًا طويل الأمد لقيمة سهم فينكانتييري."

صفقات استحواذ لتعزيز القدرات التكنولوجية

في إطار تعزيز مكانتها في السوق، استحوذت فينكانتييري على شركة الغواصات الإيطالية WASS مقابل 415 مليون يورو، إضافة إلى شرائها لشركة Remazel المتخصصة في المعدات البحرية في 2023.

ورغم فشل محاولة اندماجها في 2020 مع شركة "شانتييه دي لاتلانتيك" الفرنسية، بسبب معارضة أوروبية، فإن المجموعة واصلت توسعها عالميًا، وتمتلك اليوم أحواض بناء سفن في دول عدة، بينها الولايات المتحدة.

أداء مالي قوي يدعم الطموحات الدفاعية

أعلنت الشركة الأسبوع الماضي عن نمو أرباحها بنسبة 35% في الربع الأول من 2025، لتصل إلى 2.37 مليار يورو، مع رقم قياسي في طلبات الشراء بلغ 57.6 مليار يورو، أي ما يعادل سبعة أضعاف إيراداتها السنوية لعام 2024.


أوروبا تعيد رسم خريطة الدفاع البحري

بينما تنسحب الولايات المتحدة تدريجياً من مسؤولياتها العسكرية الأوروبية، تتحرك شركات مثل "فينكانتييري" لملء هذا الفراغ بتقنيات وأنظمة دفاعية بحرية متطورة.
ويبدو أن أوروبا تدرك أخيرًا أن الأمن تحت سطح الماء لا يقل أهمية عن الدفاع الجوي أو البري، وأن تعزيز القدرات الذاتية بات ضرورة استراتيجية لا خياراً.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0