خطة ترامب لغزة: سلام مفروض أم إعادة احتلال مقنّعة؟
المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب
عين للأنباء – تحليلات
في تطوّر سياسي مفاجئ أنهى ليلًا جمود المفاوضات حول غزة، أعلنت حركة حماس وإسرائيل توصّلهما إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب وإعادة إعمار القطاع، بعد عامين من الحرب الطاحنة التي أنهكت المدنيين والبنى التحتية على حدّ سواء.
وتُعدّ هذه الخطة – التي نشرتها واشنطن رسميًا عبر البيت الأبيض – أول وثيقة شاملة تتعامل مع غزة كملف دولي مستقلّ، محدِّدةً شروط “السلام الإجباري” وفق رؤية أميركية بحتة تتجاوز الفصائل الفلسطينية والسلطة الوطنية على حدّ سواء.
مرحلة جديدة من “صفقة القرن”
بحسب الوثيقة المؤلّفة من 20 بندًا، يسعى ترامب إلى تطبيق نسخة محدثة من “صفقة القرن” لعام 2020، ولكن بشكل عملي ومباشر على أرض الواقع الغزّي.
وتقترح الخطة إنهاء الحرب فورًا بمجرد موافقة الطرفين، يليها انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي وإطلاق عملية تبادل رهائن ومعتقلين واسعة تشمل الإفراج عن أكثر من 1900 أسير فلسطيني مقابل تسليم الرهائن الإسرائيليين.
في المقابل، تنص البنود على نزع سلاح حماس بالكامل وتحوّل مقاتليها إلى الحياة المدنية، أو مغادرة غزة بإشراف دولي، مع منح من يلتزم “التعايش السلمي” عفوًا عامًا.
سلطة انتقالية تحت وصاية دولية
أحد أكثر البنود إثارة للجدل هو البند التاسع، الذي يقترح تشكيل سلطة انتقالية تكنوقراطية من فلسطينيين وخبراء دوليين، تعمل تحت إشراف “مجلس سلام دولي” يرأسه ترامب نفسه، بمشاركة شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
ويُناط بهذا المجلس إدارة الشؤون المدنية والتمويل وإعادة الإعمار، حتى “تستكمل السلطة الفلسطينية إصلاحاتها وتستعيد السيطرة على غزة”، وفق ما نصّت عليه الوثيقة.
يرى مراقبون أن هذه الصيغة تُكرّس عمليًا وصاية دولية على القطاع وتحجّم الدور الفلسطيني الذاتي، بما يفتح الباب أمام نموذج “غزة المحمية دوليًا” على غرار كوسوفو أو تيمور الشرقية في بداياتها.
استقرار دولي ونزع شامل للسلاح
وتنص الخطة على نشر قوة استقرار دولية (ISF) في غزة بمشاركة عربية ودولية، تتولى حفظ الأمن الداخلي وتدريب الشرطة الفلسطينية، بالتنسيق مع مصر والأردن وإسرائيل.
كما تُحدّد البنود أن هذه القوة ستكون مسؤولة عن نزع السلاح والتحقق من التزام الفصائل بوقف القتال، في حين يُبقي الجيش الإسرائيلي وجودًا محدودًا في “حزام أمني” إلى حين اكتمال عملية التأمين.
هذه الترتيبات تثير مخاوف من أن تتحوّل القوة الدولية إلى غطاء دائم للوجود الإسرائيلي غير المباشر، خصوصًا مع غياب تحديد زمني واضح للانسحاب الكامل.
غزة الجديدة
على الصعيد الاقتصادي، تَعِد الخطة بإطلاق منطقة اقتصادية خاصة واستثمارات كبرى لإعادة إعمار القطاع، بمشاركة شركات عالمية ومؤسسات خليجية وغربية.
وتشير البنود إلى إعداد مقترحات لإنشاء “غزة الحديثة”، بمشاريع عمرانية وسياحية وصناعية تُدار وفق “أفضل المعايير الدولية”، ما اعتبره البعض محاولة لتجميل احتلال ناعم بواجهة اقتصادية.
في المقابل، يرى مؤيدو الخطة أنها تمثّل فرصة تاريخية لإنقاذ غزة من الدمار والانقسام، وفتح آفاق عمل وتنمية غير مسبوقة في المنطقة.
من هدنة إلى هندسة النظام الفلسطيني
يرى محللون أن خطة ترامب ليست مجرّد مبادرة لوقف الحرب، بل إعادة هندسة للنظام الفلسطيني من الداخل.
فهي تنقل مركز القرار من الفصائل إلى لجنة دولية، وتربط إعادة الإعمار بالتخلّي عن المقاومة، وتضع مسار “الدولة الفلسطينية المستقبلية” ضمن شرط “الإصلاح الأمني والسياسي” الذي تحدّده واشنطن وحلفاؤها.
وبينما رحّبت بعض الأطراف الدولية بالمبادرة، فإن أوساطًا فلسطينية وإقليمية عدّتها محاولة لإحياء صفقة القرن بثوب إنساني، تفرض تسوية غير متكافئة تحت عنوان “إنهاء الحرب”.
غزة بين السلام المفروض والاستقلال المؤجّل
تفتح “خطة ترامب لغزة” الباب أمام مرحلة انتقالية غامضة قد تمتدّ لسنوات، تجمع بين الإعمار الموعود والنزع القسري للسلاح، وبين الهدنة الطويلة وإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني من الخارج.
وبينما تتحدث واشنطن عن “سلام جديد”، يخشى كثيرون أن تكون غزة بصدد عبور نحو وصاية دولية جديدة أكثر تعقيدًا من الاحتلال نفسه.
#غزة #خطة_ترامب #عين_للأنباء #الشرق_الأوسط #السياسة_الأمريكية #الملف_الفلسطيني
ما هو رد فعلك؟
أعجبني
0
لم يعجبني
0
أحببته
0
مضحك
0
غاضب
1
حزين
0
رائع
0





