إيران على عتبة تحول استراتيجي: صفقات تسليح جديدة تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط

محور إستراتيجي جديد يربط إيران بروسيا والصين

سبتمبر 23, 2025 - 12:59
 0
إيران على عتبة تحول استراتيجي: صفقات تسليح جديدة تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط

عين للأنباء – متابعات تحليلية

منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 وتشديد العقوبات، لم تعد إيران تراهن على الغرب، بل اتجهت بخطى متسارعة نحو الشرق، واضعة ثقلها في محور جديد يربطها بروسيا والصين، بما يشبه إعادة رسم لموازين القوى في الشرق الأوسط. السؤال المطروح اليوم: هل تدخل المنطقة مرحلة "الردع الإيراني" على حساب التفوق الغربي–الإسرائيلي؟

تحالف الضرورة يتحول إلى استراتيجية

الغزو الروسي لأوكرانيا 2022 فتح الباب واسعاً أمام شراكة أعمق بين طهران وموسكو. إيران زودت روسيا بمسيّرات "شاهد-136" التي غيرت معادلة الحرب هناك، مقابل سعيها للحصول على مقاتلات متطورة ومنظومات دفاعية روسية.
أما الصين، فقدمت نفسها كضامن اقتصادي وعسكري، عارضة أنظمة دفاع جوي حديثة مثل HQ-9، ما يعكس تنويع طهران لمصادر قوتها في مواجهة الضغوط الغربية.

صفقات عسكرية تهدد المعادلات التقليدية

المشهد الأكثر إثارة هو الحديث عن صفقة أسلحة كبرى تشمل:

  • مقاتلات Su-35 متعددة المهام، التي ألغت مصر صفقتها منها تحت ضغط أمريكي.

  • نظام الدفاع الجوي S-400 الروسي بمدى 400 كم، القادر على تعطيل أي سيناريو لضربة جوية إسرائيلية أو أمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

  • المقاتلات MiG-29 المطورة لتعويض النقص في أسطول طهران المتهالك.

  • منظومات HQ-9 الصينية كطبقة إضافية في شبكة الدفاع الجوي، إلى جانب Bavar-373 وS-300.

إذا صحت هذه الصفقات، فإن إيران تكون قد قفزت فجأة من وضعية "الجيش المُنهك بالعقوبات" إلى لاعب يمتلك قدرات ردع متطورة.

لغة القوة هي الحَكَم

التصريحات الإيرانية الأخيرة بأن "الأعداء لا يفهمون سوى لغة القوة" لا تبدو مجرد خطاب تعبوي. بل تعكس رسالة مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل: أي هجوم محتمل سيكون مكلفاً إلى حدٍ غير مسبوق.
إضافة إلى ذلك، فإن إبرام مثل هذه الصفقات في ظل العقوبات يعكس تحدياً مباشراً للغرب، ورسالة مفادها أن "الطريق إلى طهران يمر عبر موسكو وبكين".

 التنفيذ والرد الدولي

ورغم الضجيج الإعلامي، يبقى السؤال:

  • هل تستطيع طهران فعلاً تشغيل هذه الأنظمة المعقدة في وقت قصير؟

  • وهل يملك الغرب القدرة على تعطيل هذا المسار عبر عقوبات إضافية أو ضغوط دبلوماسية على موسكو وبكين؟

  • وماذا سيكون رد الفعل الإسرائيلي، الذي يرى في أي تعزيز إيراني للدفاع الجوي تهديداً وجودياً؟

التاريخ يُظهر أن إدخال منظومات مثل S-400 يتطلب تدريباً طويلاً وبنية تحتية معقدة، ما قد يمنح خصوم إيران نافذة زمنية للتحرك.

المشهد الاستراتيجي

ما يجري اليوم ليس مجرد "صفقة أسلحة"، بل تحول في طبيعة المحاور الدولية. فبينما تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بفعل الحروب الطويلة، يبرز محور شرقي–إيراني–روسي–صيني يطمح لفرض قواعد لعبة جديدة.
هذا التحالف، إذا استقر، قد يعيد رسم التوازنات الإقليمية، ويفرض على واشنطن وتل أبيب صياغة استراتيجيات بديلة.

إذا تم تأكيد وصول هذه المنظومات إلى إيران، فإن الشرق الأوسط سيكون أمام نقطة تحول استراتيجية، حيث لم تعد طهران مجرد لاعب إقليمي، بل طرف في محور دولي يتحدى العقوبات ويعيد رسم معادلات الردع. والسؤال الأكبر الذي يفرض نفسه: هل نحن أمام بداية نهاية التفوق الجوي الغربي–الإسرائيلي في سماء المنطقة؟

خلفيات تأريخية

مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتبدّل الخريطة الجيوسياسية، دخلت روسيا مرحلة إعادة بناء داخلي وخارجي. بالنسبة لإيران، كانت التسعينيات فرصة لملء الفراغ الذي تركه تراجع النفوذ الغربي:

  • الجانب الروسي: موسكو، وهي تبحث عن شركاء خارج التحالف الغربي الجديد، وفّرت لإيران قنوات دبلوماسية وتقنية وتجارية. الاتفاقات في مجالي الطاقة والتعاون العسكري-التقني بدأت بوتيرة هادئة لكنها ثابتة.

  • الجانب الصيني: بكين آنذاك ركّزت على بناء علاقات اقتصادية قائمة على موارد الطاقة والأسواق. الصين احتاجت نفط الغاز والفرص الاستثمارية، وإيران احتاجت رؤوس أموال وتكنولوجيا.

 لم تكن العلاقات تحالفاً إيديولوجياً عميقاً بعد، لكنها كانت شراكة براغماتية قائمة على مصالح متبادلة.

من التعاون الاقتصادي إلى التحالف الاستراتيجي 

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تصاعد التعاون: مشاريع نفط وغاز، استثمارات بنية تحتية، وتبادلات تكنولوجية. لكن المحطات الأهم كانت مرتبطة بالسياسة الدولية:

  • توسع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، والحصار التدريجي الذي واجهته طهران، حفّزا إيران على تنويع شركائها.

  • البُعد العسكري بدأ يأخذ وزناً أكبر: تدريب، تبادل معلومات، صفقات أسلحة محدودة أو قطع غيار وصيانة لطائرات روسية قديمة لدى إيران.

خيارات سياسية 

روسيا والصين لم تقف عند حدود التجارة؛ بل وسماعلاقاتهما مع إيران لاحقاً بالخيارات السياسية ضد الضغوط الغربية.

الاتفاق النووي (JCPOA) عام 2015 وفّر طهران منفذاً مؤقتاً إلى النظام المالي والأسواق الدولية، لكن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018 وإعادة فرض العقوبات أعاد رسم موازين الأولويات:

  • لإيران: الاختيار بات واضحاً — إما التراجع أمام الضغوط الغربية، أو الانفتاح المكثف شرقاً، طهران اختارت المسار الثاني.

  • لموسكو وبكين: ظهرت لديهما فرصة لتعزيز موطئ القدم في قلب منطقة نفوذ أميركية تقليدياً، وتقديم بدائل اقتصادية وتقنية لطهران.

ونتج عن ذلك تعاون متزايد ليس فقط تجارياً بل عسكرياً وسياسياً، في ظل الشعور المشترك لدى موسكو وبكين بأن الضغط الأميركي يمكن مواجهته بشبكات بقيادة محور الشرق.

تعميق الشراكة

الحرب الروسية الأوكرانيية في 2022 أدّى إلى عزلة سياسية واقتصادية موسعة لموسكو، فكان من مصلحة الكرملين البحث عن شركاء بدلاء: إيران جاءت في الوقت المناسب.

ومن أهم سمات هذه المرحلة:

  • تبادل المنافع التكتيكية: إيران زودت روسيا بالمسيّرات، ومقابل ذلك تلقت عزماً روسياً على تزويدها بمنظومات قتال متقدمة وقطع غيار، بعيداً عن رقابة الغرب.

  • بكين: في الوقت نفسه مضت الصين في تعزيز التعاون الاقتصادي (مشروعات بنية تحتية، استثمارات استراتيجية) وربما دعم تكنولوجي دفاعي محدوداً، كجزء من مبادرة أوسع لتأمين مصادر الطاقة وطرق التجارة.

هنا تكوّن ما يمكن تسميته "محور عملي" قائم على مصلحة مواجهة عزلة غربية متبادلة.

ختاماً

التاريخ يعلمنا أن التحالفات تتغيّر استنادًا إلى المصالح والأزمات. ما بدأ في التسعينيات كشراكة تجارية وبراغماتية، بلغ اليوم مرحلة تُقرأ فيها صفقات السلاح بوصفها ركيزة لتعزيز ردع إيراني يُدعم من الشرق. هل نواجه تهديداً حقيقياً لانقلاب موازين القوى، أم مجرد انتقال تكتيكي يواجهه الزمن والقدرة على التنفيذ؟

 #إيران #روسيا #الصين #الشرق_الأوسط #موازين_القوى

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 1