تحديث جديد في «تشات جي بي تي» يثير جدلاً حول الخصوصية
تضمين أسماء المستخدمين في الردود يشعل المخاوف... وغياب الشفافية يثير الانتقادات

أثار تحديث برمجي حديث في تطبيق «تشات جي بي تي» جدلاً واسعاً بين المستخدمين وخبراء التكنولوجيا، بعد ملاحظة أن الروبوت بدأ يذكر أسماء المستخدمين في محادثاته، حتى دون تفعيل خاصية «الذاكرة» أو منح إذن مباشر بذلك. واعتبر البعض هذه الممارسة «انتهاكاً محتملاً للخصوصية»، بينما دافعت أطراف أخرى عنها باعتبارها جزءاً من جهود التخصيص وتحسين تجربة المستخدم.
خاصية غير مُعلنة تُدخل التطبيق في دائرة الجدل
منذ أبريل (نيسان) الماضي، بدأ التطبيق بإدراج أسماء المستخدمين ضمن إجاباته، في سلوك جديد لم يكن حاضراً في النسخ السابقة. وعبّر مستخدمون عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً) عن دهشتهم من مخاطبة الروبوت لهم بالاسم رغم تعطيل ميزات التخصيص.
التحديث لم يُعلن رسمياً من قبل شركة «أوبن إيه آي»، ما أثار تساؤلات حول مدى الشفافية البرمجية المتبعة، خاصة في ظل تعطيل بعض المستخدمين لخيار الذاكرة، ومع ذلك استمر الروبوت في استخدام أسمائهم ضمن المحادثات.
«أوبن إيه آي»... صمت رسمي ومخاوف تتصاعد
حتى الآن، لم تصدر الشركة المطورة للتطبيق أي تعليق رسمي حول سبب التحديث أو إمكانية التحكم فيه، ما دفع بعض المستخدمين إلى التشكيك في التزامات المنصة بحماية البيانات الشخصية.
ويُعتقد أن السلوك مرتبط بخاصية «الذاكرة» التي تتيح للروبوت تذكّر تفاصيل من المحادثات السابقة لتخصيص الردود، لكن استمرار ظهور الأسماء رغم تعطيل هذه الميزة أضاف غموضاً إلى المسألة.
رأي الخبراء: تحسين تجربة المستخدم أم تهديد للخصوصية؟
ميزة تفاعلية أم تطفل برمجي؟
هاني سيمو، خبير المشاريع الرقمية في الإمارات، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن استخدام أسماء المستخدمين «ليس بالضرورة انتهاكاً، بل يُعد جزءاً من تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لجعلها أكثر قرباً للطبيعة البشرية». وأشار إلى وجود خيارات متعددة ضمن الإعدادات تسمح للمستخدم بالتحكم في مشاركة بياناته.
وأكد أن البيانات الشخصية مثل الأسماء والعناوين تُزال من المحادثات قبل استخدامها في عمليات التدريب، وأن التطبيق يتيح أيضاً خيار المحادثات المؤقتة التي لا تُخزن بعد الانتهاء منها.
ثقة المستخدم في الميزان
من جانبه، حذّر محمد عبد الوهاب السويعي، الباحث في الأمن السيبراني من السعودية، من فقدان ثقة المستخدم بسبب غياب التوضيح. وقال إن الاسم قد يُستخرج من إعدادات الجلسة، لا من تتبع خارجي، إلا أن «عدم إدراك المستخدمين لهذه التفاصيل التقنية قد يسبب ارتباكاً حتى دون وجود خرق فعلي للبيانات».
وأشار إلى حادثة سابقة في عام 2023، حين ظهرت عناوين محادثات لمستخدمين آخرين لبعض الأفراد بشكل مؤقت. وعلى الرغم من أن الشركة أغلقت الثغرة بسرعة، فإنها كانت بمثابة جرس إنذار بضرورة تشديد الرقابة البرمجية.
التخصيص قد يحمل تحيزات
أثار السويعي بُعداً آخر حين لفت إلى أن استخدام الاسم قد يُفسر من قبل النظام كمؤشر على الجنس أو الخلفية الثقافية، ما قد يُنتج ردوداً متحيزة دون وعي من المستخدم أو النظام، رغم جهود الشركات المطوّرة في تقليل هذه الانحيازات.
رؤية مستقبلية تواجه تحديات قانونية
تأتي هذه التحديثات في وقت تحدث فيه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، عن مستقبل تقني يسعى لتخصيص تجربة الذكاء الاصطناعي بشكل دائم للمستخدمين. لكن الدكتور فادي عمروش، الباحث في التحول الرقمي، يرى أن استخدام الأسماء بهذا الشكل قد يمثل خرقاً لقوانين حماية البيانات مثل «اللائحة العامة لحماية البيانات الأوروبية (GDPR)».
وأوضح أن الاسم يُعد من البيانات الشخصية حسب المادة الرابعة من اللائحة، وبالتالي فإن استخدامه دون موافقة صريحة من المستخدم يمثل «معالجة غير قانونية». ولفت إلى أن ميزة «الذاكرة الشاملة» التي أُطلقت تدريجياً لم تُفعّل في بعض الدول الأوروبية بسبب هذه المخاوف القانونية.
الخصوصية... معركة المنافسة القادمة
اختتم الخبراء بالإشارة إلى أن الخصوصية قد تتحول إلى أحد أهم محاور المنافسة بين الشركات المطوّرة للذكاء الاصطناعي. وقال هاني سيمو إن التزام المنصات بأعلى معايير الشفافية والأمان سيصبح عنصراً حاسماً في الاحتفاظ بالمستخدمين وجذب شرائح جديدة.
ما هو رد فعلك؟






