عودة القيصر
هادي جلو مرعي

هادي جلو مرعي
بوتين وترامب.. فرصة لا يريد التفريط بها
لا يريد الرئيس فلاديمير بوتين خسارة الفرصة التي يمنحها الرئيس دونالد ترامب. فبالرغم من المكاسب الميدانية المتحققة على طول نهر دينبرو في الشرق الأوكراني، وتراجع القوات الأوكرانية، فإن تلك المكاسب لن تكون دائمية في حال انزعج ترامب من الرد الروسي.
عندها سيكون هناك مشاكل أكبر من تلك التي تسبب بها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والعقوبات القاسية التي فرضت على موسكو، والتي قاومتها بضراوة ونجحت في ذلك إلى حد بعيد.
لكن ماذا لو فشل ترامب في وقف الحرب، وشعر في ذات الوقت أن بوتين هو السبب وليس زيلينسكي؟ حينها سيضطر سيد البيت الأبيض إلى فرض مزيد من العقوبات على القيصر الروسي، والضغط على دول مثل الهند للتوقف عن شراء النفط الروسي.
مكاسب واشنطن على حساب أوروبا
بحسب خبراء، فإن الحرب الأوكرانية حققت لواشنطن ما تريد.
-
أوروبا تعتمد الآن على الولايات المتحدة في إمدادات الطاقة.
-
بلغت أثمان تلك الإمدادات نحو 750 مليار دولار على مدى السنوات القليلة المقبلة بعد وقف إمدادات الغاز الروسي.
-
لكن الفرق أن الأسعار باهظة مقارنة بما كان يدفعه الأوروبيون لموسكو.
القمة الأخيرة في آلاسكا
كانت القمة الأخيرة في آلاسكا ناجحة لجهة عودة القيصر الروسي إلى الواجهة، والخروج من دائرة الضغط والعزلة.
فما قام به ترامب من استقبال حافل وترحاب كبير وبطريقة مبهرة، يشير إلى أن الرئيس ينعطف نحو مكاسب كبيرة، وهذه المرة من روسيا بعد ضمان مكاسب غير مسبوقة من أوروبا التي رضخت لضغط الإدارة الجمهورية وزادت من حجم الإنفاق العسكري ضمن حلف شمال الأطلسي.
السلام وفق الرؤية الأمريكية
لم تكن القمة لإعلان نهاية الحرب، فذلك يتطلب مفاوضات معقدة سياسية وفنية.
-
ترامب لا يمكنه المغامرة بـ إلغاء الحضور الأوروبي بالكامل.
-
يريد تحقيق السلام ضمن دائرة المصالح الأمريكية التي لا تسمح بالانفصال عن أوروبا.
-
يسعى إلى التفاوض المباشر مع بوتين، ثم نقل ما جرى في القمة إلى الحلفاء، قبل العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقد صرّح بوتين في المؤتمر الصحفي:
"اللقاء المقبل سيكون في موسكو".
ويبدو الطرفان على رغبة كبيرة في عدم خسارة بعضهما، لكن حرص بوتين أكبر، بعدما وصل إلى مرحلة متقدمة في الحرب وضَمَّ البحر الأسود إلى نفوذه، وفرض سيطرته على القرم وربطها بالأراضي الروسية.
بوتين والحدود الجديدة
يكمل بوتين مهمة ضم لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابورجيا، وصولًا إلى أوديسا الميناء الرئيس في الجنوب الأوكراني. وبهذا تصبح جزيرة القرم مؤمنة بالكامل ضد أي تهديدات مستقبلية، وبعيدة نسبيًا عن العمق الأوكراني.
كما سيُؤمَّن وصول مياه نهر دينبر الذي يمر بالعاصمة كييف قبل أن ينحدر جنوبًا ليصل إلى الأقاليم التي سيطرت عليها موسكو، وينتهي إلى جمهورية القرم. وكانت كييف قد حاولت قطع المياه عن الجمهورية الروسية الواعدة.
أوروبا بين التفاهم والإنهاك
تحتل روسيا اليوم مساحة تزيد على ثلث مساحة أوكرانيا، وتضم نصف عدد السكان المحتملين الذين يحملون الجنسية الروسية.
الأمور تتجه نحو تفاهمات يجب على أوروبا أن تتعاطى معها بجدية، بدلًا من:
-
الاستمرار في المشاكسات الفارغة.
-
إغراق كييف بالأسلحة على حساب أموال الشعوب الأوروبية.
ومن الواضح أن ترامب لن يحسم الأمور قبل التحدث إلى الحلفاء الأوروبيين وتحقيق إجماع مع القيادات الأساسية مثل:
-
المستشار الألماني ميرتس.
-
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
-
رئيس الوزراء البريطاني العمالي ستارمر، الأكثر حماسًا لاستمرار الحرب، لأسباب منها:
-
رغبة لندن بلعب دور أكبر في أوروبا رغم الانسحاب من الاتحاد.
-
القلق البريطاني من الدور الروسي الذي يهدد شرق أوروبا، وقد يمتد إلى بقية العواصم الغربية.
-
ما هو رد فعلك؟






