السياسة فن أم حيلة وخداع!
هناك مفهوم شائع بأن "السياسة فن الممكن"، ولكن عندما تتحول لخداع

رحيم الخالدي
السياسة بين الأخلاق والمراوغة
هناك مفهوم شائع بأن "السياسة فن الممكن"، ولكن عندما تتحول لخداع، سيكون مستقبلها عبارة عن لعبة ثعالب، وهي مستهجنة لدى العقلاء.
وفي قاعدة أخلاقية معروفة بأن "الرجل كلمة"، وهي بالطبع لا تنطبق على الكل، باستثناء من يحترم نفسه فيصل به الحد لإنصاف عدوه، ولا يقبل المداهنة، ولا يخون العهد، وهو التزام شرعي قبل أن يكون كلام رجال.
مفاوضات عُمان وخداع ماكر
كل المراقبين تابعوا كيف تحولت المباحثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة، برعاية سلطنة عُمان، وكيف أَمّل الجانب الأمريكي إيران، رافقتها التصريحات "الترامبية" بنهي الكيان الغاصب عن التهور وضرب الجمهورية الإسلامية.
وكان الجانب الإيراني مطمئناً بعدم الاعتداء عليه، والأمر بيد أمريكا، ليتفاجأ العالم بتعدي كلب أمريكا، إضافة للخلايا المزروعة داخل إيران التي قامت بالدور المناط بها، بتصفية قيادات إيرانية في محاولة لإسقاط الحكومة.
مؤامرة محكمة... وردّ مدروس
اتضح الأمر بعد صبر القيادة، والمفاجئة التي أوضحت فيما بعد، أن الأمر ليس له علاقة بالمباحثات، بل كان مخططاً عالي التنظيم والحرفية، له ارتباط بالموساد.
وما كانت المفاوضات إلا ذريعة إلهاء واستباق تنفيذ مؤامرة كبيرة جداً، بحيث في أول الضربة تم تصفية قيادات يقع على عاتقها إدارة الدولة، وهو بالطبع ليسبب إرباكاً، لكن الهدوء والتهيؤ المسبق، كان حاسماً في قلب المعادلة، فعملت الجمهورية لإسناد المهام أولاً لأشخاص مؤهلين، وبنفس اليوم كان الرد مزلزلاً.
أمريكا... المساندة في الخفاء
العجيب ولا عجب من السياسة الأمريكية، وهذه ليست المرة الأولى بمسألة الخداع، وكأن الكيان الغاصب يعمل بمفرده، والرد عليه كانت أمريكا تتفرج، ومن بعد ذلك تم التصريح أنها مساندة.
وكانت التحليلات تقول إن الكيان لا يمكن أن يجر أمريكا معه، وسيبقى وحده في الساحة، وعليه تحمل العواقب وحده.
وشيئاً فشيئاً تحول الموقف من متفرج إلى مساند ومؤيد للضربة، لكن الجانب الإيراني لا يهمه الأمر بقدر ردع هذا الكيان المنفلت.
أدوات العدوان والتواطؤ الغربي
في أول الأمر كان الكيان يعتقد أنه قادر على شل الحركة والسيطرة، وقصف أي مكان يريده، وطبعا كل ذلك بأدوات غربية، إضافة إلى الجانب اللوجستي الذي يؤمن الأجواء والمساحات والعدة.
ويمكن القول إن الجانب الأمريكي مشترك لكن بالخفاء لإيهام العالم، ولا يريد إظهار نفسه للعلن خشية التدخل الدولي، وبالخصوص الجانب الروسي والصيني والكوري الشمالي، وبذا تصبح حرباً عالمية ثالثة، وهذا ما لا تريده خشية الخسارة المذلة التي ستمنى بها.
صمت أوروبا وفضيحة الوكالة الدولية
أوروبا وصمتها يحمل بطياته أموراً تثير السخرية، فهي لم تدن الاعتداء، ويمكن القول إنها مشتركة بطريقة أخرى.
والمنظمة الدولية التي تختص بالأمور النووية، أكدت من خلال الأداء أنها أداة بيد الصهيونية العالمية، بدليل ما أشارت إليه إيران من خلال المستندات التي أكدت أن التقارير التي ترفعها للوكالة الدولية بعد كل جولة تفتيش، توجد نسخة منها لدى الكيان، مما جعلها في موقف محرج، والمتهم الرئيسي غروسي، الذي أقامت إيران عليه شكوى في الأمم المتحدة.
ازدواجية المعايير النووية
الكيان لديه مفاعل نووي، وغير منضوٍ لاتفاقية منع التسلح، وينتج الأسلحة النووية ولا يحق للوكالة التفتيش لمفاعل الكيان، وبنفس الوقت تعطي نفسها الحق بالتقييم ومن له الحق بالإنتاج من عدمه.
يرافق ذلك الصمت الأوروبي والدول الأعضاء بمجلس الأمن، وهذا معيار غير متزن وعليه الكثير من التساؤلات، علماً أن أمريكا هي من حددت درجة التخصيب في المفاعلات النووية الإيرانية، التي لجأت لرفع مسألة التخصيب إثر انسحاب ترامب بالولاية السابقة، وبذا لا يحق لها التدخل.
إيران في موقع القوّة
أثبتت إيران أنها دولة عظمى ولديها ترسانة كبيرة، وأنها قد تجاوزت العالم بمسافات لا يمكن اللحاق بها، من خلال النتائج على الأرض بقصفها الكيان بصواريخ لا يمكن تصورها، من حيث التقنية ومساحة التدمير.
ولولا التدخل مع إيران للتوقف مقابل التعويض عن الخسائر، لانتهت مسألة الكيان الغاصب ونُسيت كلمة "دولة إسرائيل"، وبذا ستخسر أمريكا كلبها المدلل في المنطقة العربية.
ما هو رد فعلك؟






