إرث - هيثم العوادي

عين نيوز

 0
إرث -  هيثم العوادي
بدون وصف


دخلت أحد المقاهي سنة 61 هجرية. كانت الأصوات صاخبة، والاختلاف يعجّ بين المتخاصمين، الكلّ يدعي أنَّ الحق عنده، رائحة الموت والدماء تخرج من الأفواه، تكلَّم أحدهم قائلاً:
-أمثل الحسين يقتل؟.
أجابه آخر:-

  • لقد شقَّ عصا المسلمين.
    -جاء يريد تخليصكم من سطوة الذين يسومونكم سوء العذاب.
    -ماذا تقول أنت؟… اصمت وإلَّا قطعوا لسانك.
    -كتبتم له ليساعدكم على رفع هذا الذلّ.
    -لا تتكلَّم على دولة أمير المؤمنين بهذه اللهجة.
    قالها واضعًا يده على مقبض سيفه.
    -أتهددني ياهذا؟.
    -لقد قتلنا حسينكم شرَّ قتلة، وذبحنا رضيعه على صدره.
    -هذا من أعمال شذاذ الآفاق والزنادقة أمثالكم، ماذا استفدتم؟.
  • كنا نرجو أن يملأ ركابنا فضة أو ذهبًا، لكنَّ الأمير غمرنا برضاه عنا.
    ازدادوا قسوة وأخذوا يسخرون ويشمتون :
    -لقد نثرنا لحمه بحوافر خيولنا وصبغنا الطفّ بدمائه، هههههاهي.
    قال آخر:-لقد جذبت خاتمه من يده، فلم أستطع فبادرت إلى سكيني وقطعت إصبعه…ههههه، وأخذت الخاتم، أليس جميلاً في يدي؟ انظر أيها الشقيّ.
  • لا شقيَّ غيرك.. سترى عواقب ما اقترفَته يداك .
    -لم نكتفِ بهذا، لقد منعنا وصول الماء إلى أطفال المخيم.
    -حتى الماء.. قاتلكم الله أين تذهبون من غضبه، يالجرأتكم عليه سبحانه.
    إلى ذلك المقهى نفسه، وفي هذه الأيام من عام 1443هـ، دخلت مرة أخرى، ورأيت أنَّ الجدل والخصام لازالا سيِّدا الموقف،
    قال أحدهم:-
    -الجماعة "مردُوهم مَرْد يمّ المطار"، ههههه.
    قال آخر:
    -يقولون" سوّوهم كباب"، ههههههاي.
    رد عليهم أحد الجالسين:
    -أمثلُ المهندس يُقتل وتضحكون؟!..قاتل الدواعش وانتصر عليهم وردعهم عن مناطقنا بشجاعة وبأس شديد.
    -الفخر للحشد مو لواحد.
  • كان قادة النصر عمود الحشد ورايته الخفاقة.
  • مايدورون مصلحتنا. ينفّذون مخططات خارجية.
  • ماذا تنفِّذون أنتم وأموال الخليج لديكم، لقد ضحَّوا بأنفسهم، والجود بالنفس أقصى غاية الجود وهذا ينفي ما تقولون.
    غادرتُ المقهى وقد علقت بذاكرتي عبارات متشابهة، بين جيلين تبعد بينهما عشرات القرون، لكنهم يفكِّرون بالعقلية نفسها، لازال الدينار سيّد الموقف، مازال الأشراف أول المضحِّين وآخر المستفيدين، مازال الراعي يبحث عن جيفارا ليشي به، ومازال محمد كريم يبحث في أسواق مصر عمن يفديه ويخلصه من الإعدام، وما زال الثائر شمعة تضيء الدروب للمبصرين، ولا يستفيد منها أعمى البصيرة الذي يغشاه الطمع وحب الدنيا والإعلام المضلِّل، أمَّا الاختلاف والعلامة الفارقة في كل هذا فهو الخاتم الذي تكفَّلَت بحمايته كاميرات المطار.

ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0