مرجان على زوال وميادة العسكري تستغيث - مازن الحميد

عين نيوز

 0
مرجان على زوال وميادة العسكري تستغيث - مازن الحميد
بدون وصف

 

 

 

 

ينتابك شعور بألم لا يخلو من الامتعاض لدى تجوالك في أحياء بغداد القديمة، وأنت ترى التراث والمعالم التاريخية التي تهتم بها المراكز البحثية والجامعات في أقصى بقاع الأرض، وقد أصبحت اليوم عرضة للاندثار والانهيار في أية لحظة، دون أن تولي الجهات ذات العلاقة لذلك أدنى أهمية، سوى قوانين بالية تنقصها المتابعة والتطبيق، وإهمال لا أحد يعرف من يتحمل مسؤوليته.. دوائر تتنصل عن مسؤوليتها، وأخرى تشكو ضعف التمويل.. وخلافات على مرجعية المؤسسات ذات العلاقة، وفي الجانب الآخر هناك ثروة في طريقها الى الزوال لا تحتمل المزيد من الإهمال، بعد أن بدأت تفقد هويتها شيئا فشيئاً وتتحول الى أماكن خربة لا يمكن اعادة الحياة اليها من جديد, واخرها كان جامع مرجان الذي لم يسلم من هذا الاهمال قد لا تكون صدفة ويقال دائما ان الانسان قبل قدوم منيته وانتقاله الى العالم الاخر باشهر او بأيام ينتابه احساس الموت وهكذا كانت ميادة العسكري الكاتبة والصحفية العراقية حفيدة الشخصية السياسية العراقية المعروفة المرحوم جعفر العسكري حيث قبل اشهر من وفاتها العام الماضي كتبت عن بغداد كتاب بعنوان (في حديقة الملك) ولتعلق قلبها بازقة بغداد القديمه التي امضت فيها طفولتها فكان لجامع مرجان النصيب الاكبر لتبحر في تاريخ هذا المسجد بمعلومات مهمة لم يسبقها احد في طرحها لهذه المعلومات التي حصلت عليها من كتب ومذكرات مكتبة العائلة حيث تحدثت العسكري عن تاريخ مرجان وترى من هو مرجان هذا ؟

والاافت في جامع مرجان انه كبير جدا ليس فيه سوى باب واحد يتزاحم فيه الداخلون والخارجون .وقبر مرجان (مستو بالأرض على شكل مرمرة كبيرة ) يقع بالقرب من دكة الباب بحيث يدوس على راسه الداخلون والخارجون ...

الغريب في الامر أن مرجان رجل ايطالي واسمه هو السنيورموركان, فتحولت موركان مع السنين الى مرجان . ويقال انه كان مثقفا فًيلسوفا يتكلم العربية والفارسية  على الرغم من انه لم يذهب الى الجامعات والمدارس وكان مرجان غير محظوظ , اضطرته الأزمات الى ان يعمل جنديًا مرتزقا .وفي احدى الحروب اسره المغول وباعوه , ثم باعوه واشتروه اربع مرات حتى وصل الى بغداد . فباعه تاجر لقصر السلطان أويس , وهو ابن حفيد هولاكو المغولي .

ولفظة خان تعني بالفارسية "باشا" وقد عمل مرجان خادماً وعينه رئيس الخدم طباخاً وكلما يقدم الى السلطان طبقاً يسمعه شعرا وفلسفة . حتى اعجب به السلطان فعينه وزيًرا ثم رئيسًا للوزراء وقد جمع ثروة كبيرة .

وفي تلك الاثناء جاءت رسالة الى السلطان من ملك (الايلخانية) آسيا الوسطى يقول فيها :ساعدونا ! لقد ثار علينا التركمان بجيش كبير يزحف علينا .

فقال السلطان لمرجان : اجلس في عرشي واحكم باسمي حتى أعود. فاخذ السلطان المغول واتجه بهم شمالاً حتى التحم مع جيش التركمان في حرب دامت شهوراً عدة وقتلوهم جميعا , حتى الاسرى وقتل من المغول عدد كبير , وخان مرجان العهد ! لكن مع الاسف مرجان هذا لم يعرف المغول الذين حاربهم بالامس . انهم لطيفون مؤدبون دائمو الابتسام, لكنهم في الحروب أشداء مجرمون. لقد خطب بالعراقيين وبشرهم بنهاية الدولة (الاليخانية) وبداية الدولة (المرجانية) وبداية الحياة الكريمة ... والعراقيون صدقوه فجمع منهم جيشاً كبيرا وجاء بالراجمات والمنجنيقات العملاقة من روما . وعندما عاد السلطان بجيشه حاملاً معه جرحاه وعلم بالخبر تالم كثيراً . وعندما وصل جيشه الى بعقوبة حدث فيضان رهيب لنهر دجلة وصلت مياهه الى حد 10 كم ,من دجله الى الشماعية .

ووصل السلطان (أويس) الى ساحل الماء وامامه 10 كم للساحل الاخر . فامر كل واحد من جنوده يقطع شجرة ويصنع بلم صغير يركب به وياخذ جريحا .ولما وصلت الابلام قرب الساحل انهالت عليها قذائف المنجنيق فقتل الكثير وما ان التقى الجيشان حتى صارت معركة عظيمة بينهما وقتل معظم جيش مرجان , ووصل السلطان الى قصره ودخل القصر وشاهد مرجان وهو جالس ويرتعد وخصوصا عندما شاهد سيف السلطان يقطر دماً قال السلطان لمرجان مد عنقك لاقطعها , ففعل مرجان فرفع السيف لكنه لم يقطع عنقه قال لمرجان لخاطر الصداقة والزاد والملح الذي بيننا لن اقتلك لكن اغرب عن وجهي وهو يمشي في الطرقات ويرى الرؤوس والدماء وهو يبكي ويقول : ليت السلطان قتلني وما رايت هذا .

فجمع كل امواله وبني جامعاً كبيراً وبني 100 دكان وهي سوق الشورجه وجعل ايجار الدكاكين للجامع ولاطعام الفقراء والمساكين.وبقي في داخل الجامع يعمل خادما يكنس وينظف ويطبخ ويعطي الطعام للمصلين والفقراء . وكان يتعشى مع الفقراء ليلاً ..ومرت السنين وهو ساكن في المسجد ومبتعد عن ملذات الحياة ولا يرى النور حتى مرض وعلم بقرب منيته فحفر لنفسه قبراً بالقرب من الباب قالو له : يامرجان لماذا جعلت راسك قرب دكة الباب ؟

قال :  لست مطمئناً الى ان ربي غفر لي واتامل بالمستقبل عسى ان يدخل الجامع شخص يحبه الله تعالى فعسى ان يغفر الله تعالى لي لخاطر قدمه التي يضعها على راسي !

لا ادري مدى دقت معلومات هذه الرواية , لكنها اعجبتني لاسباب كثيرة فهي الاولى والوحيدة التي حصلت عليها في ما يخص اصل جامع مرجان الذي نراه اليوم مهملاً بعد سنوات كثيرة من سقوط نظام البعث في العراق 2003 , حيث يبكي القلب من منظر القمامة الورقية والمياه الاسنة التي ملئت اروقة الجامع لاسباب اجهلها تماماً .

 

اعلم اني قد اسهبت في الحديث عن تاريخ الجامع  بالتفصيل وقد يكون عند البعض تفصيل ممل ولكن اردت استعراض تاريخ انشاء هذا المعلم التراثي صاحب المكانة التاريخية والمعمارية الكبيرة حيث شغل باحثو العرب والغرب لتحديد قصته ودراسة زوايا هذا المعلم الذيلا يقل اهمية عن المدرسة المستنصرية في بغداد كما احمل المسؤولية للجهة المسؤلة عن حماية هذه المواقع التراثية والمتمثلة بمحافظة بغداد والمسؤل عن ادرة شؤون المحافظة محافظ بغداد الاستاذ علي التميمي  وامينتها الاستاذة ذكرى علوش لانهم هم المسؤلون عن بغداد واشراقها بين العواصم العربية ما ان كان فاقدو الشيء لايعطوه نسخه منه الى هيئة حماية التراث والمواقع الاثرية  .


ما هو رد فعلك؟

أعجبني أعجبني 0
لم يعجبني لم يعجبني 0
أحببته أحببته 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0